للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمُحرف هو أن يكون شكل الكلمة واحدًا، لكن الاختلاف يكون في الحركات أو في النقط، بهذا فرَّق الحافظ -رحمه الله تعالى- بينهما، فجعل المصحف والمحرف شكل الكلمة واحدًا، لكن ما بيّن أن يكون هناك اختلاف في النقط أو اختلاف في الحركات، فضبط التصحيف والتحريف على هذا.

أما صنيع العلماء قبلُ فهم لا يُفرقون بين المصحف والمحرف، وأكثر ما يطلقون التصحيف، لذا قد يُطلقونه على تغيير الاسم تمامًا، وعلى تغيير حتى رسم الكلمة، كما وُجد في كلام الشافعي وغيره، فإذن أكثر ما يُطلق العلماء الأولون التصحيف، وقد يُطلقون التحريف لكن الغالب هو التصحيف.

ثم لا يجعلون التصحيف خاصًا بالنقط، والمحرف خاصًا بالشكل كما يُقرره الحافظ في شرحه على (النخبة)، وإنما يجعلون المصحف عامًا للنقط وللشكل، بل ولرسم الكلمة، وقد بيَّن هذا أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- في حاشيته على (ألفية السيوطي) وأن الأولين لا يُغايرون بينهما، والأمر في هذا سهل.

قوله: (وَلَا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْيِيرِ الْمَتْنِ بِالنَّقْصِ وَالْمُرَادِفِ إِلَّا لِعَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ الْمَعَانِي) حصل خلاف بين العلماء في رواية الحديث بالمعنى، وتحرير محل النزاع: ما يُتعبد فيه بألفاظه كالأذكار ونحوها لا يصح روايتها بالمعنى، ذكره السيوطي والسخاوي، بل وذكر السيوطي أن ما كان من جوامع الكلم لا يصح أن يُروى بالمعنى، أما ما يُتعبَّد بلفظه كالأذكار فهذا واضح، كما في حديث البراء قال: «ولا رسولك الذي أرسلت» قال: «ولا نبيك الذي أرسلت» فبيَّن خطأه لأنه مُتعبد بلفظه.

أما جوامع الكلم الذي ذكره السيوطي فمحتمل أن يكون كذلك، بحسب الرواية بالمعنى.

• تنبيه: ينبغي أن يُعلم أن الراوي إذا روى حديثًا بالمعنى فأخطأ، لابد أن المحدثين وأئمة هذا الفن وحراس الشريعة يُبيِّنون خطأه، وقد حصل كثيرًا، فإن الله حافظٌ لدينه، وقد ذكر ابن رجب أمثلة على ذلك، وذكر غيره أن بعض الرواة أخطأ في أحاديث لأنه رواها بالمعنى فأخطأ في روايته بالمعنى.

وبعد هذا: أصح قولي أهل العلم وهو قول جماهير أهل العلم: أنه يصح رواية الحديث بالمعنى، وهو قول الحسن وغيره، وأقوى دليل على ذلك -والله أعلم- أن الله ذكر لنا

<<  <   >  >>