وينبغي أن نعلم أنه لا تلازم بين تعظيم الرجل ومعرفة مكانته وبين أن يُخالف، فإن علماء الإسلام قد أمرونا باتباع الدليل ولو خالفناهم، فلطالب العلم الذي عنده آلة أن يُخالف من يُخالف من أهل العلم بقواعد أهل العلم، مع حفظ منزلتهم ومرتبتهم.
وقد ابتلينا في هذه العصور بمن ينتقص العلامة الألباني ويُنزل من قدره، حتى قرأت لأحدهم يقول: محمد ناصر الدين الألباني ليس محدثًا!! يريد أن يُنكر الشمس في رائعة النهار، ولا أريد أن أطيل في مثل هذا، لكن من أراد أن يعرف هذا العلم فليستفد من كتب الشيخ ناصر الدين الألباني، لاسيما السلسلتان، وإرواء الغليل، وتخريج سنن أبي داود المطوَّل، فإن في هذه الكتب بسطًا وجمعًا للطرق، وذكرًا لبعض الفوائد والقواعد التي لا توجد بسهولة.
أسأل الله أن يغفر له وجميع علماء المسلمين، وأن يجمعني وإياكم وإياه في الفردوس الأعلى إنه الرحمن الرحيم.
المقدمة الثانية:
ينبغي أن يُعلم أنّ الغاية من دراسة علم المصطلح أنه علم آلة ووسيلة لمعرفة اصطلاحات أهل العلم في الحديث، فإذا قال أئمة هذا الشأن وفرسانه: حديث غريب. أو حديث صحيح. إلى غير ذلك من الألفاظ، فالهدف - من علم المصطلح - هو معرفة معنى كلامهم.
ومن الخطأ أن يُحدث بعض من كتب في المصطلح ممن ليس من أهل الحديث تعريفات لاصطلاحات ليست موجودة عند أئمة هذا الشأن وأئمة الحديث الأوائل وفرسانه، فيُعرِّفون بعض الاصطلاحات بتعريفات ليست موجودة عندهم، وهذا خطأ كبير، وسيتضح هذا في ثنايا قراءة كلام الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-.
فيُعرِّفون المنكر، أو المحفوظ، أو غيرهما، بتعريفات ليست موجودة عند العلماء الأوائل، والمفترض في علم المصطلح أن يُبيِّنَ معنى استعمال العلماء للألفاظ في علم الحديث، لا أن يُحدث معاني لاصطلاحات استعملها أهل العلم أو أن يُحدث اصطلاحات جديدة لم يتكلم بها العلماء الأولون، كما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.