للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هاهنا قال البلقيني فيما نقل السخاوي، قال: ولو توسعنا في التأويل لدفعنا كثيرًا من العلل التي علل بها أئمة الحديث. وصدق -رحمه الله تعالى-.

ومن أمثلة ذلك: حديث أبي قيس الأودي عن هزيل بن شرحبيل، عن المغيرة بن شعبة. حديث المغيرة بن شعبة مشهور في الصحيحين وغيره، قال: «دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين» ثم هوى فمسح عليهما -صلى الله عليه وسلم-، أي مسح على الخفين، زاد أبو قيس الأودي زيادةً وقال: مسح على الخفين والنعال، فزاد: "والنعال" هذه الزيادة على طريقة الفقهاء يُمكن أن يُجمع بينهما، فقد ذكر حكمًا لم يأتِ به غيره فلا يضر، لكن المحدثين قالوا: خالف أبو قيس الأودي الناس وأتى بلفظ "النعال" وغيره لم يأت بهذا اللفظ، وقال غيره: خالف هزيل الناس، ومن أولئك الإمام علي بن المديني، فقال: خالف أهل المدينة والبصرة والكوفة وأتى بلفظ "النعال" فلاحظ أنه جعلها مخالفةً، وبمثله ذكر يحيى بن معين، والإمام مسلم، وقد نقل هذه النقولات البيهقي في كتابه (السنن الكبرى)، فلاحظ أن المحدثين عبَّروا بالمخالفة.

• تنبيه: إذا فُهم ما تقدم انفتح باب من أبواب العلل قد أغلقه كثيرون لأنهم ساروا على طريقة الفقهاء لا المحدثين، وظنوا أن معنى "منافاة الجمع" أو "المخالفة" أي على وجه لا يُمكن معه الجمع، وقد أخطئوا فليس الأمر كذلك.

وبعد هذا فمبحث زيادة الثقة تتعلق به مسائل:

• المسألة الأولى: صورة المسألة أن يكون الحديث واحدًا، وأن يرويه الثقات على وجه فيُشاركهم ثقة ويرويه على وجه آخر، إما وقفًا أو رفعًا، أو بذكر زيادة، فإذن مبحث زيادة الثقة يُشترط فيه أن يكون الحديث واحدًا، وأن يُشارك الثقة بقية الثقات وينفرد بشيء.

وبعبارة أخرى: أن يكون مخرج الحديث واحدًا، أي أنه لابد أن يتحد المخرج، وقد ذكر هذا ابن رجب في شرح (العلل) وابن عبد الهادي في كتابه (الصارم المنكي)، ومسلم في كتابه (التمييز)، وابن حجر في (النكت)، فلابد أن يكون مخرج الحديث واحدًا.

<<  <   >  >>