للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المسألة الثانية: زيادة الصحابة بعضهم على بعض ليست داخلة في مبحث زيادة الثقة بل هي مقبولة، ذكر هذا ابن حجر في كتابه (النكت)، وأشار إليه ابن عبد الهادي في كتابه (الصارم المنكي).

• المسألة الثالثة: زيادة الثقة إنما تُبحث فيما إذا زاد الراوي زيادةً يترتب عليها حكم، أي لها معنى وحكم، أما الزيادة التفسيرية أو غير ذلك مما لا يترتب عليها حكم فليست داخلة في مبحث زيادة الثقة، أشار لهذا مسلم في كتابه (التمييز) وذكره المعلمي في الفوائد المجموعة. ويُؤكد ذلك أن جمهور العلماء على جواز رواية الحديث بالمعنى، فدل هذا على أن مبحث زيادة الثقة هو ما يترتب عليه حكم، أما لو روى راويان حديثًا واحدًا بألفاظ مختلفة ولا يترتب عليها حكم فهي من الرواية بالمعنى ولا تُبحث بحث زيادة الثقة.

• المسألة الرابعة: ليس لأئمة هذا الفن وفرسانه قاعدة مطّردة في زيادة الثقة، تارة يقبلونها وتارة يردونها، ويرجعون ذلك إلى القرائن، وقد ذكر هذا جمع كبير من أهل العلم، كابن دقيق العيد، والعلائي، والبقاعي، وابن حجر، وابن رجب، وغيرهم من أهل العلم، فنصوا على أنهم ليس لهم طريقة مطردة، وإنما ينظرون إلى القرائن، لذا من نسب إلى أهل الحديث أنهم يقبلون زيادة الثقة مطلقًا فقد أخطأ، أو من نسب إليهم أنهم يردونها مطلقًا فقد أخطأ، وإنما ينظرون في كل حديث لقرينته، هناك قرائن تدل على القبول أو قرائن تدل على الرد، فيُنظر في القرائن.

• المسألة الخامسة: الأصل في الحديث الواحد -وإن اختلفت ألفاظه- عدم التعدد، ذكر هذا ابن حجر في كتابه (فتح الباري) وهذه فائدة نفيسة، ويدل عليه صنيع المحدثين، أما الفقهاء فيتوسعون ويحملون اختلاف الألفاظ على اختلاف الوقائع، ومن ذلك النووي، فحديث عمر في رواية: «نذرت أن أعتكف ليلة»، في رواية: «نهارًا» وفي رواية: «يومًا»، قال النووي: وهذا يدل على تعدد الوقائع. وردَّ هذا العلائي وابن حجر وقالوا: القصة واحدة.

فإذن الأصل إذا كان الحديث واحدًا فإنه لا يدل على تعدد الوقائع، وإنما تكون الواقعة واحدة، ذكر هذا ابن حجر في شرحه على البخاري –كما تقدم-، وذكر نحوًا منه ابن رجب، وهو صنيع العلماء الأولين فإنهم يجعلونه حديثًا واحدًا ثم ينظرون فإذا ترتب على الزيادة حكم شددوا، وقد يقول الراوي: سجد النبي -صلى الله عليه وسلم- في إحدى صلاتي العشي، وفي بعض الروايات: صلاة العصر.

<<  <   >  >>