قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى-:
ثُمَّ الْغَرَابَةُ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَصْلِ السَّنَدِ، أَوْ لَا.
فَالْأَوَّلُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ. وَالثَّانِي: الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ، وَيَقِلُّ إِطْلَاقُ الْفَرْدِيَّةِ عَلَيْهِ.
وَخَبَرُ الْآحَادِ بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبْطِ، مُتَّصِلِ السَّنَدِ، غَيْرِ مُعَلَّلٍ وَلَا شَاذٍّ: هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ. وَتَتَفَاوَتُ رُتَبُهُ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الْأَوْصَافِ.
وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ، ثُمَّ مُسِلِمٍ، ثُمَّ شَرْطُهُمَا.
فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ: فَالْحَسَنُ لِذَاتِهِ، وَبِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ.
فَإِنْ جُمِعَا فَلِلتَّرَدُّدِ فِي النَّاقِلِ حَيْثُ التَّفَرُّدُ، وَإِلَّا فَبِاعْتِبَارِ إِسْنَادَيْنِ.
وَزِيَادَةُ رَاوِيهِمَا مَقْبُولَةٌ مَا لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ.
فَإِنْ خُولِفَ بِأَرْجَحَ فَالرَّاجِحُ الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ الشَّاذُّ. وَمَعَ الضَّعْفِ فَالرَّاجِحُ الْمَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ الْمُنْكَرُ.
وَالْفَرْدُ النِّسْبِيُّ: إِنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ الْمُتَابِعُ، وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ فَهُوَ الشَّاهِدُ.
وَتَتَبُّعُ الطُّرُقِ لِذَلِكَ هُوَ الِاعْتِبَارُ.
قوله: (ثُمَّ الْغَرَابَةُ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي أَصْلِ السَّنَدِ، أَوْ لَا. فَالْأَوَّلُ: الْفَرْدُ الْمُطْلَقُ. وَالثَّانِي: الْفَرْدُ النِّسْبِيُّ، وَيَقِلُّ إِطْلَاقُ الْفَرْدِيَّةِ عَلَيْهِ) مراده بهذا أن الغرابة تكون في أصل الإسناد أي: من عند الصحابي أو لا، والنظر للغرابة ليس من عند الصحابي نفسه وإنما في الرواة عن الصحابة وهم التابعون، لأن في مثل هذا البحث يُنظر لمن بعد الصحابي لا يُنظر إلى الصحابة أنفسهم، فإذا روى عن الصحابي راوٍ واحد وكان التابعي واحدًا فإنه يكون غريبًا في أصل الإسناد، فيُقال: فردٌ مطلق.
أما إذا كانت الغرابة في أحد طبقات الإسناد إما عن عالم معين كشعبة، فينفرد عن شبعة واحد، إلى غير ذلك، فهذه غرابة لكن يُقال عنها: فرد نسبي.