للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقد تأثَّر الخطيب البغدادي في كتابه (الكفاية) في بعض المباحث بعلم الكلام، ومن بعده زاد التأثر بهذا بعلم الكلام أكثر، وقد نبَّه ابن رجب في شرح (العلل) على تأثر الخطيب بعلم الكلام، فقال: وقد تكلم الخطيب البغدادي في مبحث زيادة الثقة وأدخل في ذلك قول المتكلمين.

المقدمة الرابعة:

ينبغي أن يُفرَّق بين كلام أهل الحديث وكلام الفقهاء في علم الحديث ومصطلح الحديث، فهناك فرق بين كلام أهل الحديث وكلام الفقهاء، فإن العمدة والمرجع في كل فن لأهله، وقد نقل ابن أبي حاتم في كتابه (المراسيل) عن أبيه أبي حاتم أن إجماع أهل الحديث حجة، أي في الحديث، وذكر مثل هذا ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى) وابن القيم كما في (مختصر الصواعق)، أن إجماع أهل كل فن حجة في الفن نفسه.

ومن الأخطاء أن يتكلم من ليس ذا تخصص ومعرفة بعلم الحديث في علم الحديث من الفقهاء، فإن من يفعل ذلك يُفسد هذا العلم، كما حصل لابن الصلاح -رحمه الله تعالى- أنه في مبحث زيادة الثقة أدخل كلام الفقهاء في هذا المبحث، وقد نبَّه على هذا البقاعي، فلذلك حصل عند ابن الصلاح خلط في هذا المبحث لأنه خلطه بكلام الفقهاء، والفقهاء ليسوا أهل معرفة في ذلك.

وقد أشار لهذا المعنى ابن دقيق العيد في كتابه (المقترح) لما ذكر: "من غير شذوذ ولا علة" قال: الشذوذ علة اعتنى بها المحدثون وأهملها الفقهاء. فلذا ينبغي أن يُميَّز بين كلام أهل الفن وكلام غيرهم.

وكلام الفقهاء دخل في علم الحديث، وحصل ما حصل فيه، ومن كلمات البلقيني العظيمة ونقلها السخاوي عنه أنه قال: لو توسَّعنا في التأويل لدفعنا كثيرًا من العلل التي كان يُعلل بها أئمة الحديث. فالتوسع في التأويل والجمع بين الأحاديث على طريقة الفقهاء ينتج منها نتيجة وهو أن تُرد كثير من العلل التي أتى بها المحدثون، ولعله يتيسر بيان شيء من هذا -إن شاء الله تعالى-.

المقدمة الخامسة:

إن لعلم الحديث فرسانًا وأئمة وهم العلماء الأوائل المتقدمون، كشعبة، والثوري، وأحمد، وابن المديني، ويحيى بن معين، والرازيين، وأمثالهم.

<<  <   >  >>