للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (وَفِيهِ المُبْهَمَاتُ) ينبغي أن يُعرف أن هناك فرقًا بين المُبهم والمُهمل، فالمهمل يُسمى الرجل ولا يُذكر ما يُميز هذا الرجل، فيُقال: حدثنا محمد. فلا يسمى أباه ولا أحدًا، فلا يُعرف محمد ويسمى مهملًا.

أما المبهم فيقال: حدثني رجل. هكذا، لا يُدرى من هذا الرجل، أو يقول: حدثني الثقة. هذا مبهم، لأنه لم يسم هذا الرجل.

إذن هناك فرق بين المبهم والمهمل، ثم استطرد -رحمه الله تعالى- في ذكر المبهم فقوله: (وَلَا يُقْبَلُ المُبْهَمُ وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ عَلَى الْأَصَّحِ) فذكر أن هذا المبهم لا يُقبل ولو قال عنه رجل: حدثي الثقة، لأنه لا يُدرى من هذا الرجل فقد يكون ثقة عنده ولا يكون ثقة عند غيره، فلا يُقبل منه هذا التوثيق المبهم، وهذا على الصحيح.

قوله: (فَإِنْ سُمِّيَ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْهُ: فمَجْهُولُ الْعَيْنِ، أَوِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَلَمْ يُوَثَّقْ: فَمَجْهُولُ الحَالِ، وَهُوَ الْمَسْتُورُ) جعل الحافظ المجهولين قسمين:

• القسم الأول: مجهول العين.

• القسم الثاني: مجهول الحال.

وقال في مجهول العين: من لم يرو عنه إلا واحد. أي ولم يُوثق هذا الرجل، فيسمى مجهول العين، أما إذا روى عنه اثنان فأكثر ولم يُوثق فيسمى مجهول الحال، فإذن اجتمع مجهول العين ومجهول الحال في أنهما لم يُوثقا، إلا أن مجهول العين روى عنه واحد ومجهول الحال روى عنه اثنان فأكثر، وهذا ما قرره الحافظ.

إلا أن ابن عبد البر والخطيب البغدادي ذكروا أمرًا زائدًا على هذا فقالوا: إذا اشتهر الرجل بالزهد أو الكرم ... إلخ، ولو لم يرو عنه إلا واحد فيُقال مجهول الحال، فارتفع من مجهول العين إلى جهالة الحال.

وفي كلام الخطيب ما يدل على أن أهل الحديث على ذلك.

إذن من لم يرو عنه إلا واحد لكن اشتهر إما بالزهد أو بالكرم أو الشجاعة فيُقال عنه مجهول الحال، وهذا صحيح وهو أقرب إلى معنى مجهول الحال.

ومجهول العين ومجهول الحال ضعيفان ولا يصحان، وأنبه إلى مسائل تتعلق بالمجهول، وقد يأتي ما ينبغي أن يُذكر فيه، لكن أذكره وأُحيل عليه فيما بعد:

<<  <   >  >>