للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعدل: أي أن يكون الراوي ذا تقوى ومروءة، ومن لم يكن كذلك فإن حديثه لا يكون صحيحًا، كأن يكون مبتدعًا أو فاسقًا، فإذا كان الراوي مبتدعًا أو فاسقًا فإن حديثه ضعيف؛ لأن هذا الشرط اطَّرده حتى في الحسن، فإذا اختلَّ هذا الشرط فإن الحديث ينتقل من أن يكون صحيحًا إلى أن يكون ضعيفًا.

وهذا -والله أعلم- فيه نظر، أما الفسق فإنه لا يمنع قبول الرواية ولا ترى في كلام العلماء أئمة هذا الفن أنهم ردُّوا حديثًا عن رجل لأنه فاسق بما أنه صادق ضابط، ويُؤكد ذلك ما سيأتي وهو أن العلماء الماضين كالمجمعين على قبول رواية المبتدع الذي هو أشد من الفسق، ولو كان داعيةً، كما ذكر هذا الخطيب البغدادي في كتابه (الكفاية) ونقله عن جمع من أهل العلم وأطال النقل في ذلك، ولعله يأتي بيان هذا أكثر -إن شاء الله تعالى-.

فإذن اشتراط أن يكون عدلًا بألا يكون فاسقًا ومن باب أولى ألا يكون مبتدعًا فيه نظر -والله أعلم-.

وتمام الضبط في ظاهر العبارة: أي أن يبلغ من الضبط أعلاه، وبالتقديرات العصرية يُقال: مائة بالمائة، لأنه لما ذكر نقص هذا الشرط قال: الحسن ما خفَّ ضبطه، وهذا فيه نظر -والله أعلم-، وسيأتي بيانه أكثر في الكلام عن الحسن، وذلك أن من الثقات ما ينقص تمام ضبطه ولا يزال ثقة، حتى إن للذهبي كلمة مفادها أن ما من ثقة إلا وقد أخطأ، وهذا في الغالب.

قوله: (مُتَّصِلِ السَّنَدِ، غَيْرِ مُعَلَّلٍ وَلَا شَاذٍّ) سيأتي الكلام عن الاتصال -إن شاء الله تعالى-.

لكن يُقال: معلل، أو معلول، أو مُعلّ، ألفاظ مترادفة، ولفظ (مُعل) يوجد في كلام أهل اللغة من أثبته، ومثله لفظ (معلول)، أما لفظ (مُعلل) فقد أنكره كثير من أهل اللغة، والأمر في هذا سهل -إن شاء الله تعالى.

والمقصود أن علماء المصطلح جعلوا العلة أمرًا خفيًا قادحًا في صحة الحديث، ومعنى هذا أن الأمر الظاهر لا يسمى علةً، وقد استدرك على هذا النووي، والعراقي، والسخاوي، وجماعة، وبيَّنوا أن العلة تُطلق على الأمر الخفي والأمر الظاهر، أي على القادح الخفي وعلى القادح الظاهر.

وكتب أئمة العلل كالإمام علي بن المديني، والرازيين، والدارقطني، دالة على أنهم يذكرون فيها ما كان مُعلًا سواء كان بعلة ظاهرة أو خفية، وقد شاع عند علماء المصطلح

<<  <   >  >>