للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأحكام، فقد قال الذهبي: والجمهور على أن الراوي الذي يروي عنه جمع من الثقات ولم يأت بما يُستنكر فإنه يُقبل حديثه.

قوله: ولم يأت بما يُستنكر. المراد به -والله أعلم-: لم ينفرد بحكم، فإنه إذا نفرد بحكم فقد أتى بما يُستنكر، لذا يقول الذهبي في (الموقظة): والصدوق -وهو دون الثقة- إذا تفرد بحكم أحيانًا يُقبل وأحيانًا يُرد. هذا وقد وُثق، فكيف بمن لم يُوثق عينًا؟

وهذا مبحث مهم ينبغي أن يُضبط، فإذا قالوا: فلان لا يروي إلا عن ثقة، فالمراد ما لم يتبيَّن ضعفه، أي في الغالب، ثم إذا انفرد هذا الثقة بحكم فلا يُعتد بهذا الحديث.

• المسألة الرابعة: إذا روى جمع من الثقات عن راوٍ ولم يأت بما لا يُستنكر، ذكر الذهبي وابن القطان الفاسي أن الجمهور على قبوله، وهذا صحيح كما تقدم، لكن لابد أن يُفهم معنى قوله: لم يأت بما يُستنكر. أي لم ينفرد بحكم جديد، فإذا انفرد بحكم جديد فلا يُقبل من الصدوق فكيف بمن لم يُوثق وإنما بمجرد أنه قد روى عنه الثقات؟

• المسألة الخامسة: إذا قيل في راوٍ قد روى عنه أهل حي كذا، أو روى عنه تلاميذه، وتلاميذه لا يُعرفون إلا بأنهم ثقات فيُقبل حديثه على أصح أقوال أهل العلم، كما فعل البخاري -رحمه الله تعالى- في رواية حديث البارقي، فقد قبل برواة أهل حيه، وكذلك فعل ابن القيم وغيره في رواية أصحاب معاذ عن معاذ، قال: لأن أصحاب معاذ ثقات، قال: فإذا روى أصحابه عنه وأصحابه لا يُعرفون إلا أنهم ثقات، فهذا يُعدّ صحيحًا على أصح أقوال أهل العلم.

إلى غير ذلك من المباحث التي تتعلق بالمجهول.

قوله: (ثُمَّ الْبِدْعَةُ: إِمَّا بِمُكَفِّرٍ، أَوْ بِمُفَسِّقٍ فَالْأَوَّلُ: لَا يَقْبَلُ صَاحِبَهَا الْجُمْهُورُ. وَالثَّانِي: يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً فِي الْأَصَّحِ، إلَّا أنْ يَرْوِيَ مَا يُقوِّي بِدْعَتَهُ فَيُرَدُّ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ الْجَوْزَجَانِيُّ شَيْخُ النَّسَائِيِّ) إذا كان المبتدع كافرًا فلا تُقبل روايته إجماعًا كما حكاه النووي -رحمه الله تعالى-.

إلا أنه ينبغي أن يُعلم أنه قد يقع الراوي في مكفر ولا يكفر عينًا، فلا تلازم بين وقوع الرجل في الكفر وأن يكون كافرًا، قال ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى): وقد دل على ذلك الكتاب والسنة والإجماع والاعتبار، لكن المقصود أن من ثبت كفره لم تُقبل روايته،

<<  <   >  >>