وغربًا ويُضيع وقته حتى تحصل له الإجازة من فلان أو فلان، ومثل هذه لا فائدة منها البتة، بل أحيانًا تلقى شيخًا فيقول: أجزتك بجميع مروياتي. وأنت لعلك لا تكاد تقرأ سطرًا فيُصاب التلميذ بالغرور وقد يبالغ في هذه الإجازة، وقد يتعب،
وهذه الإجازات قد تضر الطالب من جهة أن يُصاب بالغرور، وقد تضره من جهة أن يبذل الجهد الكبير لتحصيلها فيضيع وقته، وقد لا تضره لكنها مما لا ينفع، وبعضهم يقول: إن هذا من حفظ الإسناد الذي هو من خصائص هذه الأمة ... ، لكن ينبغي أن يُعلم أن الإسناد مراد لغيره لا لذاته، فهو مراد لحفظ الحديث النبوي فليس مرادًا لذاته، فينبغي ألا يُبالغ في هذه الإجازات ولا تُهدر الأوقات ولا تُضيَّع في إدراكها.
والمتفق والمفترق أشمل مما ذكر الحافظ، فالمراد بالمتفق والمفترق: تشابه حصل في رواة حتى يُظن أنهما واحد وهما شخصان، قد يتفقان في الكُنى، وقد يتفقان في النسب، وقد يتفقان في الاسم واسم الأب والنسب، وقد يتفقان في الاسم واسم الأب، والجامع لذلك أن يُظن أنهما راوٍ واحد، والواقع أنهما راويان أو أكثر.
قوله:(وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ خَطًا، وَاخْتَلَفَتْ نُطْقًا: فَهُوَ الْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ) ومثل ذلك محمد بن عقيل، كما بيَّن هذا الحافظ -رحمه الله تعالى- في شرحه (نزهة النظر) فقال: كمحمد بن عقيل -بفتح العين- ومحمد بن عقيل -بضمها-: الأول نيسابوري، والثاني فريابي، وهما مشهوران وطبقتهما متقاربة.
قوله:(وَإِنِ اتَّفَقَتِ الْأَسْمَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الْآَبَاءُ، أَوْ بِالْعَكْسِ: فَهُوَ الْمُتَشَابِهُ) والمتشابه جمع بين المتفق والمفترق والمؤتلف والمختلف، أي فيها اتفاق في أشياء واختلاف في أشياء فيسمى المتشابه.
قوله:(وَكَذَا إِنْ وَقَعَ الْاتِّفَاقُ فِي الْاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ، والْاِخْتِلَافُ فِي النِّسْبَةِ، وَيَتَرَكَّبُ مِنْهُ وَمِمَّا قَبْلَهُ أَنْوَاعُ: مِنْهَا أَنْ يَحْصُلَ الْاِتِّفَاقُ أَوْ الْاِشْتِبَاهُ إِلَّا فِي حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْن. أَوْ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) قوله: (إِلَّا فِي حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْن) مثل: محمد بن سيَّار، ومحمد بن سنان، وقوله:(أَوْ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ) مثل: الأسود بن يزيد، ويزيد بن الأسود، وهكذا،