للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الأقسام الثلاثة، وأراد بها من جهة الصحة والرد، كما بيَّن هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى-، لذا قال: وأول من أفرد الحديث الحسن هو الترمذي.

• المسألة الثالثة: يوجد في كلام العلماء الأولين إطلاق الحسن، ويريدون به معاني عدة، إما حُسن المتن أو حُسن ألفاظه أو غرابة المتن، لذا قال شعبة: من حُسنها فررت ... إلى غير ذلك من المعاني، وقد نقل هذا ابن حجر -رحمه الله تعالى- في كتابه (النكت).

• المسألة الرابعة: قال الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-: الحديث الضعيف أحب إليَّ من الرأي. لا يريد الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- الحديث الضعيف الذي يُقابل الصحيح -أي المردود- وذلك لأن العلماء مجمعون على أن الحديث الضعيف الذي يُرادف المردود والذي يُقابل الصحيح لا يُحتج به في الأحكام، حكى الإجماع ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى)، وإنما مراد الإمام أحمد: الحسن لغيره، أي الذي صار مقبولًا بشواهده، فإذا نظرت إليه من جهة ذاته صار ضعيفًا، وإذا نظرت إليه من جهة شواهده صار مقبولًا، أي حسنًا لغيره، وقد بيَّن هذا الإمام ابن تيمية كما في (مجموع الفتاوى) وابن القيم في (أعلام الموقعين) وابن رجب في شرحه على (العلل)، وذكر نحوًا من ذلك الشاطبي في كتابه (الاعتصام).

فإذن قول الإمام أحمد: "الحديث الضعيف أحب إليَّ من الرأي" أي الحديث الذي ينجبر، أي الحسن لغيره، لذا قال ابن تيمية: وهو معنى قول الترمذي في الحديث الحسن: ما يُروى من غير وجه، وألا يكون شاذًا ولا مُعللًا. أي الذي يتقوى بأكثر من طريق وهو الحسن لغيره.

• المسألة الخامسة: أؤكد أنه لا ضابط دقيق للحديث الحسن، وأن قول الحافظ ابن حجر: إن خفَّ ضبطه. ليس ضابطًا دقيقًا في التفريق بين الحديث الحسن من الحديث الضعيف.

قوله: (وَبِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ) يدل هذا على أن الحديث يتقوَّى بمجموع طرقه، وسيأتي بحث هذا -إن شاء الله تعالى-، لكن تقوية الحديث بمجموع طرقه بأن يُقوى الحديث الضعيف إلى الحسن، والحسن إلى الصحيح، هذا مجمع عليه، حكى الإجماع ابن تيمية -رحمه الله تعالى- كما في كتابه (تلخيص الاستغاثة)، وأيضًا حكى الإجماع الألباني -رحمه الله تعالى- في (رسالة في تحريم آلات اللهو والطرب)، وقد نص على هذا الإمام

<<  <   >  >>