للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(نخبة الفكر)، وصدق -رحمه الله تعالى-، وقد أشار لهذا المعلمي في تعليقاته على كتاب (الفوائد المجموعة) للشوكاني -رحمه الله تعالى-.

قوله: (وَالثَّانِي: الْمَشْهُورُ، وَهُوَ الْمُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ) أي الذي يرويه جماعة ولم يبلغ حد التواتر، قوله: (وَهُوَ الْمُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ) أي أن من العلماء من يُسمي المشهور مستفيضًا ومنهم من يُغاير بين المشهور والمستفيض، وبيَّن ابن حجر أن البحث في المستفيض ليس من مباحث هذا الفن، كما بيَّنه في شرحه على (نخبة الفكر)، فمنهم من يقول إن الكثرة لابد أن تكون في أول السند ومنتهاه، أي أن تكون الكثرة في السند كله ابتداء وانتهاء وفيما بينهما، فمثل هذا يُسمى مستفيضًا وما عداه فيسمى مشهورًا، وذكر أقوالًا أخر ثم قال: وهذا ليس من مباحث هذا الفن. وصدق -رحمه الله تعالى-.

قوله: (وَالثَّالِثُ الْعَزِيزُ، وَلَيْسَ شَرْطًا لِلصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) العزيز أن يرويه اثنان كما تقدم، ومثل هذا ليس شرطًا للحديث الصحيح، وقال: (خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ) والذي زعم ذلك المعتزلة، كالجبائي وغيره، وهؤلاء لا ينبغي أن يُذكر خلافهم فخلافهم غير معتبر ولا يُحتج به في الدين كله، فكيف بعلم الحديث؟

وقد نُسب هذا إلى أبي عبد الله الحاكم في كتابه (معرفة علوم الحديث)، وفي هذه النسبة نظر، فقد صحح أحاديث كثيرة برواية راوٍ واحد، وإنما أراد الحاكم -رحمه الله تعالى- أنه لا تثبت صحبة الصحابي إلا بأن يروي عنه اثنان، على تفصيل عنده، والمهم أنه لا يشترط لصحة الحديث أن يرويه اثنان، لا أبو عبد الله الحاكم ولا غيره من أهل السنة ولا أئمة هذا الشأن من أهل الحديث.

قوله: (وَالرَّابِعُ: الْغَرِيبُ) وقد تقدم أن الغريب ما رواه راوٍ واحد، فإنه يُسمى غريبًا، وأؤكد أن القلة في هذا الفن تغلب الكثرة، فيُنظر إلى أقل الطبقات روايةً، وبناءً عليه يُوصف الحديث هل هو متواتر أو آحاد، ثم يُنظر إلى أي أقسام الآحاد أهو الغريب أو العزيز أو المشهور؟.

ثم ينبغي أن يُعلم أن لفظ (الغريب) له معنى عند العلماء الأوائل يختلف عن معناه عند المتأخرين، وذلك أنهم إذا قالوا: "حديث غريب" أي: يريدون به أنه حديث ضعيف. ومن ذلك صنيع الترمذي -رحمه الله تعالى-، فيقول: هذا حديث غريب. أي: ضعيف.

<<  <   >  >>