للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا يُنظر لصنيع العلماء واصطلاحاتهم وأفعالهم، لذلك ينبغي لطالب العلم أن يكون واسع الاطلاع وكثير القراءة حتى يعرف اصطلاحات أهل العلم العارضة، إما بالنظر في كتب المصطلح أو في شراح الأحاديث، إلى غير ذلك مما سيأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-.

قوله: (وَيُقَالُ لِلأَخِيرَيْنِ: الْأَثَرُ) الأخيران: أي الموقوف والمقطوع، ذكر النووي -رحمه الله تعالى- أن المحدثين لا يُفرقون بين الحديث والأثر، قال: أما الخرسانيون فإنهم يُفرقون بينهما فيجعلون قول النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثًا وقول من دونه أثرًا، وتقدم هذا في أول الشرح، والصواب أن الجميع يسمى أثرًا، واشتُهر إطلاق الحديث على ما رُفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-.

قوله: (وَالْمُسْنَدُ: مَرْفُوعُ صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الْاتِّصَالُ) فتقول: هذا حديث مسند قوله: (بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الْاتِّصَالُ) أي قد يكون الحديث مُدلسًا أو مُرسلًا إرسالًا خفيًا، وبنحو من هذا عرفه أبو عبد الله الحاكم في كتابه (معرفة علوم الحديث)، والأصح -والله أعلم- أن العلماء يذكرون في المسانيد حتى الأحاديث المرسلة إرسالًا ظاهرًا وجليًا، كما يتضح هذا بالنظر في مسند الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، فالأمر في هذا سهل -إن شاء الله تعالى-.

والمراد بالمسند: أي ما يُنسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى ولو كان مرسلًا، والأمرفي هذا سهل والحمد لله.

قوله: (فَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُ: فَإِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آَلِهِ وَسَلَّمَ-، أَوْ إِلَى إِمَامٍ ذِي صِفَةٍ عَلِيَّةٍ كَشُعْبَةَ. فَالْأَوَّلُ: الْعُلُوُّ الْمُطْلَقُ. وَالثَّانِي: النِّسْبِيُّ) ينبغي أن يُعلم أن هناك ما يُسمى علوًا ونزولًا، إذا قلَّ الرواة بين المصنف والنبي -صلى الله عليه وسلم- يُقال حديثٌ عالٍ، وإذا كثُر الرواة يُقال حديث نازل، ففي البخاري ثلاثيات، فهذا يُعتبر حديثًا عاليًا.

والمحدثون يُحبون الإسناد العالي، حتى لما قيل لابن معين: ماذا تشتهي؟ قال: أشتهي إسنادًا عليًا وبيتًا خاليًا. ذكره ابن الصلاح في مقدمته، وفائدة الإسناد العالي أنه لما قلَّ عدد الرواة صار أسهل في الوصول إلى النتيجة في صحة الحديث أو ضعفه بخلاف إذا كان الإسناد نازلًا فإنه يحتاج إلى جهد أكبر، ويحتمل أن يكون هناك خطأ لم يُنتبه إليه ... إلخ.

<<  <   >  >>