للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المسألة الأولى: المجهول مردود لما تقدم ذكره من أنه مجهول ولا يُعرف حاله، وأحاديث النبي -صلى الله عليه وسلم- مبنية على الاحتياط فلابد من التثبت فيها، إلا أن من العلماء من يُطلق الجهالة ويريد بها أنه ليس مشهورًا بالرواية، كما أطلق الإمام أحمد على عبد الرحمن بن وعلة الجهالة، وهو من رواة مسلم وقد وُثق، وأراد بذلك أنه ليس مشهورًا بالرواية.

وينبغي أن يُعلم أن للعلماء إطلاقات ويُعرف بالنظر في كتب التراجم، وبمقارنة كلامهم بكلام غيرهم، إلى غير ذلك، فإذن قد تطلق الجهالة ويُراد بها عدم الاشتهار.

• المسألة الثانية: من العلماء من لا يُعتد بتوثيقه لأنه متساهل في التوثيق، كمجرد ذكر ابن حبان للرجل في كتابه الثقات، فإنه لا يدل على ثقته، بل ذكر مرة رجلًا وقال: لا أعرفه ولا أعرف أباه. ومع ذلك عده في الثقات، وذلك على أصله وهو أن الأصل في المسلمين عنده العدالة، ومثل هذا لا يُقبل، ومثل ذلك العجلي، فقد ذكر المعلمي في كتابه (التنكيل) وفي كتابه (الأنوار الكاشفة) أن العجلي متساهل لاسيما في التابعين، فإذا وقفت على راوٍ في التابعين لم يذكره في الثقات إلا ابن حبان ولم يُوثقه إلا العجلي في كتابه (الثقات) فلا يُقبل؛ لأنهما معروفان بالتساهل، ولاسيما العجلي في التابعين، ومن أمثلة ذلك -والله أعلم-: أن يقول العالم: فلان من ثقات أهل اليمامة، ومن ثقات كذا ... فمثل هذا أيضًا يُراد بالتوثيق العدالة، لأن التوثيق من حيث الإجمال أي العدالة العامة، ككتاب (مشاهير علماء الأمصار) لابن حبان فيستعمل هذا كثيرًا، وكغيره، فإذا قيل: من ثقات كذا. فالمراد به العدالة لا الثقة التي هي الضبط، ومثل هذا مما ينبغي أن يُضبط.

• المسألة الثالثة: من العلماء من لا يروي إلا عن ثقة، فمثل هذا لا يُقبل حديثه مطلقًا، كالإمام أحمد والإمام مالك، وغيرهما، فإنهما لا يرويان إلا عن ثقة، قال أبو حاتم: ما لم يتبيَّن أنه ضعيف -أي أنه في الغالب ما لم يتبين أنه ضعيف- فالأصل أنهم لا يروون إلا عن ثقة، لكن إذا تبيَّن ضعفه فلا يُقبل التوثيق العام بمجرد أنهم لا يروون إلا عن ثقة.

تنبيه: إذا وقفت على حديث في الأحكام ولم تجد لراويه ترجمة، لكن قد روى عنه أحمد أو مالك أو أمثالهما ممن لا يروي إلا عن ثقة، فلا يُصحح هذا الحديث في

<<  <   >  >>