للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يكون محدثًا ولا يكون ذا رسوخ في علم الفقه، بأن يكون مجتهدًا في علم الحديث ويكون مقلدًا في علم الفقه.

والكمال هو أن يُجمع بين الأمرين، بين علم الحديث وعلم الفقه، أسأل الله برحمته وفضله أن يمن علينا جميعًا بالعلم النافع والعمل الصالح، إنه الرحمن الرحيم.

وقد منَّ الله علينا في هذا العصر بعالم مُجدد نادر، وهو العلامة محمد ناصر الدين الألباني -رحمه الله تعالى-، وهذا العالم مُجدد في أبواب كثيرة من الدين، لكن الذي يهمني ما يتعلق بعلم الحديث، فإنه من أدق العلماء المتأخرين في معرفة الحديث صحةً وضعفًا، وفي الإتقان والضبط، فإن كثيرًا من العلماء المتأخرين عنده أوهام في العزو وغير ذلك، أما العلامة الألباني -رحمه الله تعالى-فقلّ أن يوجد عنده مثل هذا.

فهو عالم متبحر في علم الحديث، متمكن وصاحب إتقان ومعرفة وضبط، -رحمه الله تعالى-.

حتى إن أحدهم كتب رسالة يتعقب فيها الشيخ ناصر الدين الألباني في بعض الأحاديث وفي عزوها إلى بعض المصادر ... إلخ، فأشار الشيخ ناصر الدين الألباني في (السلسلة) للرد على هذا الذي كتب هذه الرسالة، ووصفه بأنه شاب، وقال: ولو كان ذا معرفة لما تعقَّب، فإني تركت عزوه إلى المصدر الفلاني، لأن هناك زيادة وهو حرف الواو، وهو مؤثر في لفظ الحديث، بخلاف ذاك الحديث ... ، فتكلم بكلام نفيس -رحمه الله تعالى-.

فالشيخ ناصر الدين الألباني له فضل كبير على أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- في علم الحديث، فقد قرَّبه وسهَّله، وقد منَّ الله عليه بأن وقف على مراجع كثيرة لم يقف عليها كثيرون ممن عاصره -رحمه الله تعالى-.

وقد جالست كثيرين ممن لهم عناية بعلم الحديث، وأطبقوا على أنهم ما عرفوا هذا العلم إلا بأن درسوا في أول أمرهم على الشيخ ناصر الدين الألباني، بل التقيت رجلين معروفين وللأسف بالطعن في الشيخ ناصر الدين الألباني، فلما جرى الكلام معهم قال أحدهم: والله ما عرفت هذا العلم إلا بقراءة كتب الشيخ ناصر الدين الألباني. حتى قال: لا أظن أن أحدًا في هذه الأزمان يستطيع أن يكون محدثًا ولم يتتلمذ على كتبه.

وقال الآخر: في أول أمري كنت عاكفًا على كتبه وقراءته. ومع ذلك جحدوا فضله -رحمه الله تعالى-.

<<  <   >  >>