قال ابن بدران: ومما اطلعنا عليه من شروح الخرقي: شرح القاضي أبي يعلي محمد ابن الحسين بن الفراء البغدادي.
وطريقته: أنه يذكر المسألة من الخرقي، ثم يذكر من
خالف فيها، ثم يقول: ودليلنا، فيفيض في إقامة الدليل من الكتاب والسنة والقياس على طريقة الجدل.
مثاله: أنه يقول: " مسألة: قال أبو القاسمْ ولا ينعقد النكاح إلا بولي وشاهدين من المسلمين.
أما قوله: " لا ينعقد إلا بولي": فهو خلاف لأبي حنيفة في قوله: الولي ليس
بشرط في نكاح البالغة.
دليلنا: ...
- فيذكر دليل المسألة سالكا مسلك فن الخلاف، ثم يقول -: وقوله:
(بشاهدين من المسلمين) خلافًا لمالك وداود في قولهما: الشهادة ليست بشرط في انعقاد النكاح، وخلافا لأبي حنيفة في قوله: النكاح ينعقد بشاهد وامرأتين، وينعقد نكاح المسلمة والكتابية بشهادة كافرين.
ثم يقول: دليلنا على مالك وداود كذا وكذا، وعلى أبي حنيفة كذا وكذا ".
والفرق بين هذا الشرح والمغني: أن المغني يسلك قريبًا من هذا المسلك، ويكثر من ذكر الفروع زيادة على ما في المق، فلذلك صار كتابًا جامعًا لمسائل المذهب.
أما أبو يعلى، فإنه لا يذكر شيئًا زائدًا على ما في المتن، ولكن يحقق مسائله،
ويذكر أدلتها ومذاهب المخالفينْ لها.
فإذا طبع المغني مع شرح القاضي، قرب الناظر فيهما من أن يحيط بالمذهب دلائل وفروعًا، وحصلت له معرفة ببقية المذاهب، وتلك غاية قصوى يحتاجها كل محقق.
وقد نظم " الخرقي": الفقيهُ الأديب اللغوي الزاهد الشاعر المفلق: يحيى بن يوسف ابن يحيى بن منصور بن المعمَّر - بفتح الميم المشددة - ابن عبد السلام الأنصاري الصرصري الزريراني الضرير، صاحب الديوان المشهور في مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفى سنة
ست وخمسين وستمائة شهيدًا، قتله التتار.
وقد نظم " الخرقي" نظمًا صدره بخطة نثرًا قال فيها: جعلت أكثر تعويلي في
نظمي هذا على مختصر الخرقي فيما نقلته إذ كان أوثق من تابعته، وسمى نظمه " الدرة اليتيمة والمحجة المستقيمة "، ثم ذكر أنه كان قد عزم على نظم ربع العبادات، ثم شرح