ابن كمال باشا مُقَلِّدا لا يقدر على الاجتهاد أصلا، وهو الذي ابتدأ بتفريع هذا القول على خلاف قول أبي حنيفة، وأبي يوسف، ومحمد، وزفر، وتبعه المتأخرون، وأفتوا بقوله، وآرائه، وقد أكثر شمس الأئمة السرخسي - وهو تلميذ شمس الأئمة الحلوائي - في كتبه من النقل عن أبي بكر الرازي، والاستشهاد بآرائه، والأخذ بها.
وبالجملة فممن تفقه علي أبي بكر الرازي: أبو جعفر الاستروشني، وهو أستاذ القاضي أبي زيد الدبوسي، وأبو على حسين بن خضر النسفي، وهو أستاذ شمس الأئمة الحلوائي، وقد علمتَ أن السرخسي من تلاميذ الحلوائي، وأما قاضيخان فهو من أصحاب أصحابه.
ولعل ابن كمال باشا فهم من قول علمائنا: " كذا في تخريج الرازي " أن وظيفة الرازي هي التخريج فقط، مع أن أبا حنيفة وأصحابه قد خَرَّجوا قول ابن عباس في " تكبيرات العيدين أنها ثلاث عشر تكبيرة " بحملها على الزوائد فقط.
وخَزَجَ أبو الحسن الكرخي قول أبى حنيفة، ومحمد في تعديل الركوع والسجود، وجعله واجبًا، وأبو عبد اللَّه الجرجاني حمله على السُّنِّيَّة.
ونظائر ذلك في تخريجات كحيرة وقعت من الأئمة المجتهدين، وما ضرهم ذلك في اجتهادهم، فأبو بكر الرازي كذلك لا يجعله تخريجه في مرتبة أنزل من مرتبته.
وقد جعل ابن كمال باشا الإمام أبا الحسين القدوري، وصاحب الهداية من الطبقة الخامسة أصحاب الترجيح، وجعل قاضيخان من المجتهدين، مع أن الإمام القدوري توفي سنة ٤٢٨ هـ، والحلوائي ٤٥٦ هـ، والسرخسي في حدود ٤٩٠ هـ، كما سبق
والبزدوي ٤٨٢ هـ، وقاضيخان ٥٩٣ هـ، فالقدوري مُتَقَدم على: الحلوائي، والسرخسي، والبزدوي، وقاضي خان، مع كونه أعلى منهم كعبا، وأطول باعا في
الفقه، فكيف يعد هؤلاء من المجتهدين في المسائل، ولا يعد القدوري منهم.
نعم إن الخصاف، والطحاوي، والكرخي متقدِّمون على القدوري، فإن الخصاف توفي ٢٦١ هـ، والطحاوي ٣٢١ هـ، والكرخي ٣٤٠ هـ، وأما أبو بكر الرازي الجصاص
فوفاته كانت في ٣٧٠ هـ، كذا في طبقات التميمي، وتراجم العلامة قاسم، وأما صاحب الهداية فوفاته كانت في ٥٩٣ هـ في السنة التي توفي قاضيخان فيها، وكان صاحب الهداية هو المشار إليه في عصره، والمعقود عليه الخناصر من علماء وقته.
وقد ذكر في الجواهر وغيرها: أنه أقر له أهل عصره بالفضل والتقدم، كالإمام فخر