فقال: قد فعلتُ يا رسولَ اللهِ، فقال صلى الله عليه وسلم:«قُمْ فَاقْضِهِ»(١).
ويصحُّ بلفظِ الإبراءِ، والحطِّ، والإسقاطِ، ونحوِ ذلك؛ كـ «أبرأتُك من خمسِمائةٍ من الألفِ الذي لي عليك»، أو «حطَطْتُها عنك»، أو «أسقَطْتُها عنك»، ولا يصحُّ بلفظِ البيعِ؛ كأنْ يقولَ:«بعتُكَ الألفَ بخمسِمائةٍ»، كما أنَّه لا يصحُّ تعليقُه على شرطٍ؛ كأنْ يقولَ:«أبرأتُك على أنْ تؤجِّرَني دارَك»، أو «أبرأتُك على أنْ تُعِيرَني دابتَك»؛ بل لا بدَّ أنْ يكونَ مُنجَّزًا؛ لأنَّ في الإبراءِ معنى التَّمليكِ، والتَّمليكاتُ لا تقبلُ التَّعليقَ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَالْمُعَاوَضَةُ: عُدُولُهُ عَنْ حَقِّهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَيَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْبَيْعِ»، هذا هو النَّوعُ الثَّاني من أنواعِ الصُّلحِ في المعاملاتِ الماليَّةِ، وهو صلحُ المعاوضةِ، وهو الذي يجرِي على غيرِ العينِ المُدَّعاةِ، كما إذا ادَّعى رجلٌ على آخرَ دارًا فأقرَّ له بها، ثمَّ صالَحَه منها على قطعةِ أرضٍ أو دابَّةٍ، وهذا النَّوعُ من الصُّلحِ حكمُه حكمُ البيعِ، وتتعلقُ به جميعُ أحكامِ البيعِ، من ثبوتِ خيارِ المجلسِ والشَّرطِ، والردِّ بالعيوبِ، وغيرِ ذلك، وإنَّما جرتْ عليه أحكامُ البيعِ؛ لأنَّ هذا النَّوعَ من الصُّلحِ بيعٌ للعينِ المُدَّعاةِ مِن المُدَّعِي للمُدَّعَى عليه بلفظِ الصُّلحِ.
قال أبو شجاع رحمه الله:«وَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُشْرِعَ رَوْشَنًا فِي طَرِيقٍ نَافِذٍ بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ الْمَارُّ بِهِ»، الرَّوشَنُ: هو الجزءُ الممتدُّ مِن السَّقْفِ فوقَ الجدارِ، الخارجُ عنه إلى الطَّريقِ، والذي يُطِلُّ