للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عفَّانَ رضي الله عنه: «لا شُفْعَةَ فِي بِئْرٍ، وَلا فَحْلِ نَخْلٍ» (١).

وذلك لأنَّ الشُّفْعةَ إنَّما شُرِعت لرَفْعِ ضررِ مُؤْنَةِ القِسمةِ، ومَا لا تجبُ قسمتُه ليس فيه هذا الضَّررُ، ولأنَّه لو وَجَبتِ الشُّفْعةُ فيما لا يقبلُ القِسْمةَ لتضررَ الشَّريكُ؛ فإنَّه إنْ باعَه لم يرغبِ النَّاسُ في الشراءِ؛ لخوفِهم من انتزاعه بالشفعةِ، وإنْ طلب القِسْمةَ لم تجبْ إجابتُه؛ فلا يمكنُه البيعُ ولا القسمةُ، فلا يقدرُ أنْ يتخلصَ من ضررِ شَريكِه، فلو ثبتَتْ فيه الشُّفعةُ لِرَفْعِ ضررِ الشَّريكِ الذي لم يَبعْ لزمَ إضرارُ الشَّريكِ البائعَ، والضَّررُ لا يُزَالُ بالضَّررِ.

وقولُه: «وَفِي كُلِّ مَا لا يُنْقَلُ كَالْعَقَارِ وَغَيْرِهِ»؛ احترزَ به عن المنقولاتِ، فلا تثبتُ الشُّفعةُ في المنْقولِ؛ لحديثِ جابرٍ رضي الله عنه السَّابقِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «الشُّفْعَةُ فِي كُلِّ شِرْكٍ؛ فِي أَرْضٍ، أَوْ رَبْعٍ، أَوْ حَائِطٍ» (٢).

فتثبتُ الشُّفعةُ في كلِّ ما لا يُنقَلُ؛ كالأرضِ، والربوعِ، والبَساتينِ، وإذا ثبتتْ في الأرضِ تبِعَها الأشجارُ والأبنيةُ؛ لأنَّ الحديثَ فيه لفظُ «الرَّبعِ»، وهو يتناولُ الأبنيةَ، ولفظُ «الحائطِ»، وهو يتناولُ الأشجارَ، وكما تَتَبْعُ الأشجارُ الأرضَ؛ كذلك تَتَبْعُ الأبوابُ والرفوفُ المسمَّرةُ البِنَاءَ.

وقولُه: «بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ»؛ أي: يأخذُ الشَّفيعُ


(١) رواه عبد الرزاق في «المصنف» (١٤٤٢٨)، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٢٢٠٧١) والبيهقي في «معرفة السنن والآثار» (١٢٠٤٧).
(٢) رواه مسلم (١٦٠٨)، والرَّبْعُ: المنزلُ، والحائطُ: البستانُ.

<<  <   >  >>