للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المقتولَ، فإن عَفَوْا عن القاتلِ بدونِ مقابلٍ سَقَطَ القِصاصُ ولا دِيَةَ، وإن عَفَوْا على الدِّيَةِ وجبت دِيَةٌ مغلَّظةٌ حالَّةٌ في مالِ القاتلِ، وهي: مائةٌ من الإبِلِ: ثلاثون حِقَّةً، وثلاثون جَذَعَةً، وأربعون خَلِفَةً في بطونِها أولادُها؛ لحديثِ عمرِو بنِ شُعيبٍ عن أبيه عن جَدِّه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «مَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ المَقْتُولِ، فَإِنْ شَاؤُوا قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ، وَهِيَ: ثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً، وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً، وَمَا صَالَحُوا عَلَيْهِ فَهُوَ لَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَشْدِيدِ العَقْلِ» (١).

وتجبُ حالَّةً في مالِ القاتلِ تشديدًا عليه، يقولُ ابنُ عبَّاسٍ رضي الله عنهما: «لَا تَحْمِلُ العاقلةُ عمدًا، ولا صلحًا، ولا اعترافًا، ولا ما جنى المملوكُ» (٢).

وقال الزُّهْريُّ رحمه الله: «مضتِ السُّنَّةُ أنَّ العاقلةَ لا تَحْمِلُ شيئًا مِن دِيَةِ العمدِ؛ إلَّا أن يشاؤوا ذلك» (٣).


(١) رواه أحمد (٦٧١٧)، وأبو داود (٤٥٠٦)، والترمذي (١٣٨٧)، وابن ماجه (٢٦٢٦)، وقال الترمذي: «حديثٌ حسنٌ غريب»، والحقَّةُ من الإبلِ: هي ما لها ثلاثُ سنينَ ودخلت في الرَّابعةِ، وسُمِّيت بذلك؛ لأنَّها استحقَّت أن تُركَب ويُحمَلَ عليها، وقيلَ: لأنَّها استحقَّت أن يَطْرُقَها الفحلُ، والجَذَعةُ: ما لها أربعُ سنينَ ودخلت في الخامسةِ، وسُمِّيت جَذَعةً؛ لأنَّها تَجْذَعُ مقدَّمَ أسنانِها؛ أي: تُسقطُ أسنانَ اللَّبَنِ. والخَلِفةُ: هي الحاملُ التي في بطنِها ولدُها، و «صَالَحُوا عَلَيْهِ»؛ أيْ: رضُوا به واتَّفَقوا عليه، و «تَشْدِيدُ الْعَقْلِ»؛ أيْ: تغليظُ الدِّيةِ.
(٢) رواه البيهقيُّ في «السُّنن الكبرى» (١٦٣٦١)، والعاقلةُ: هي قبيلةُ الرَّجلِ وأقاربُه ممن يَستنصرُ بهم ويَستنصرونَ به.
(٣) رواه مالك في «الموطَّأ» (٢٥٢٧).

<<  <   >  >>