فاعف عنهم أي فيما يتعلق بحقك واستغفر لهم فيما يتعلق بحق الله تعالى أي اطلب لهم المغفرة فما أمره بذلك إلا وهو يريد أن يغفر لهم فالحمد الله على إحسانه.
[باب الكرم والفتوة ورد السلام]
قال الله تعالى ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة قيل نزلت الآية في رجل أهدى له دجاجة فدفعها لجاره فدفعها الآخر إلى جاره وهكذا إلى سبعة دور حتى رجعت إلى الأول وفي مجمع الأحباب أن بعض الصحابة رضي الله عنهم قصد ابن عمه بشربة ماء فلما وصل إليه سمع شخصا يشكو عطشا فأشار إليه أن اسقه فجاءه فوجد آخر يشكو عطشا فأشار إليه أن أسقه فجاءه فوجده قد مات فرجع إلى الثاني فكذلك ثم أتى ابن عمه فكذلك فتعجب من حسن ايثارهم مع شدة اضطرارهم رضي الله عنهم وكان ذلك في وقعة اليرموك وهو مكان معروف ينزله الحجاج في ذهابهم ويسمونه المزيريب وكان ذلك في خلافة سيدنا عمر رضي الله عنه وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس وكان أجود من الريح المرسلة وما رد سائلاً قط وما سئل عن شيء فقال لا قال النووي رحمه الله تعالى في تهذيب الأسماء واللغات ما قال صلى الله عليه وسلم لا منعا من الوجدان وأما اعتذارا فقد قالها صلى الله عليه وسلم قال تعالى قلت لا أجد ما أحملكم عليه قال في عوارف المعارف عن ابن عيينة رضي الله عنه أن لم يكن عنده صلى الله عليه وسلم ما طلب منه وعد به ثم قال في عوارف المعارف أيضا عن جبريل عليه السلام ما ووجدت أحداً أشد إنفاقا لهذا المال من رسل الله صلى الله عليه وسلم فان قيل كيف كان أجود الناس فالجواب أن الجود ما كان بغير سؤال والكرم بسؤال فالأول أبلغ وفي المنتخب أن يهوديا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه قميصان فقال يا محمد أعطني قميصا فنزع له أجودهما فقال عمر رضي الله عنه يا رسول الله هلا أعطيته الأردأ فقال أن ديننا الحنيفة السمحة لا شح فيها كسوته أفضل القميصين ليكون أرغب له في الإسلام ... موعظتان.. الأولى: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يطوف بالكعبة وهو يقول اللهم بحرمة هذا البيت إلا غفرت لي ذنبي فقال ويحك ذنبك أعظم أم الأرضون قال بل ذنبي اعظم قال ذنبك أعظم أم السموات قال بل ذنبي أعظم قال ذنبك أعظم أم العرش قال بل ذنبي أعظم قال ذنبك أعظم أم الله قال بل الله أعظم قال صف لي ذنبك قال يا رسول الله إني صاحب مال كثير وإذا جاءني سائل فكأنما يأتني بشعلة نار قال إليك عني لا تحرقني بنارك أما علمت أن البخل كفر وأن الكفر في النار وعن النبي صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الإيمان قال يا رب قوني فقواه بحسن الخلق ثم خلق الكفر فقال يا رب قوني فقواه بالبخل.. الثانية: قالت عائشة رضي الله عنها جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد يبست يداها قالت يا رسول الله ادع الله أن يصلح لي يدي فسألها عن ذلك فقالت رأيت في المنتم كأن أمي في واد من جهنم ومعها خرقة صغيرة وشحمة قلية