فبكت الملائكة فقال الله تعالى قل له يلقي التراب من فمه فقد غفرت له وأذنت بالبكاء ولكن لا يشكون إلى غيري وقال بعض العارفين الصبر له باب مفتوح إلى الثناء والثناء له باب مفتوح إلى العطاء والعطاء له باب مفتوح إلى الجزاء والجزاء له باب مفتوح إلى البقاء والبقاء له باب مفتوح إلى اللقاء وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ومن نظر إلى الله فقد رضي الله عنه ... حكاية قال إبراهيم بن أدهم رضي الله عنه رأيت رب العزة في المنام فقال قل اللهم أرضني برضائك وصبرني على بلائك وأوزعني أي ألهمني شكر نعمائك وخرج يوما إلى الحج ماشيا فرآه رجل على ناقته فقال له إلى أين يا إبراهيم قال أريد الحج قال أين الراحلة فإن الطريق بعيد قال لي مراكب كثيرة ولكن لا تراها قال ما هي قال إذا نزلت مصيبة ركبت مركب الصبر وإذا نزلت نعمة ركبت مركب الشكر وإذا نزل القضاء ركبت مركب الرضاء وإذا دعتني نفسي إلى شيء علمت أن ما في من الأجل أقل مما مضى فقال سر بإذن الله فأنت الراكب وأنا الماشي وقال الفضيل رضي الله عنه الرضا عن الله درجة المقربين إلى الله ليس بينها وبين الله إلا روح وريحان وقال قتادة الروح الرحمة وقرا يعقوب من العشرة فروح بضم الراء أي يخرج روح المؤمن في الريحان والباقون في فروح بفتح الراء أي الراحة قيل هو الريحان الذي يشم وقال ابن عباس كل ريحان في القرآن فهو الرزق قال بعضهم من حسن الرضا بقضاء الله أن لا يقول هذا يوم حار في معرض الشكاية وقول أيوب مسنى الضر فيه إظهار الافتقار لن عدم المبالاة بالبلاء مقاومة للمقدور ... فائدة عن بعض الصالحين أنه حبسه بعض الخلفاء وأقسم أن يضرب عنقه فقال له رجل في النوم اكتب ورقة فيها بسم الله الرحمن الرحيم من العبد إلى الرب الجليل أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين فبحق محمد وآل محمد اكشف همي وحزني وفرج عنى واطرح الورقة في اليم ... مسألة الرضا بقضاء الله واجب وبغض المعصية واجب ولا شك أنها بقضاء الله فكراهتها كراهة لقضاء الله فكيف السبيل إلى الجمع بين الرضا والكراهية في شيء واحد فالجواب يتضح بمثال ذكره الإمام الغزالي رضي الله عنه في الأحياء فهو أن يكون لك عدوان أحدهما عدو للآخر فيموت أحدهما فتكره موته لأنه ساع في هلاك عدوك الآخر وترضاه لأنه عدوك فكذلك المعصية لها وجهان وجه إلى الله لكونها بقضائه فترضى بها من هذا الوجه تسلما لقضائه ورجه إلى العبد لكونها من كسبه وسببا لبعده عن ربه فهذا الوجه تكره المعصية.
[فصل في الأدب]
قال الله تعالى قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال الإمام علي رضي الله عنه أي أدبوهم وعلموهم وقال النبي صلى الله عليه وسلم أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم رواه ابن ماجه وقال النبي صلى الله عليه وسلم لأن يؤدب أحدكم ابنه خير له من أن يتصدق بصاع طعام فجعل تأديب الابن أعلى من الصدقة حكاه ابن أبي جمرة في شرح البخاري ... فائدة قال الرازي في قوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني الآية أسئلة: الأولى: أأنت استفهام وهو على الله لا يجوز لأنه علام الغيوب جوابه أن الاستفهام بمعنى الإنكار.. الثاني: أنه سبحانه يعلم أن عيسى