طبقات لو فقدت طبقة لتعطلت العين من النظر وأظهر في مقدار عدسة منها السموات مع اتساعها ويعد أقطارها وزينها بالأجفان لتحفظها وتصقلها ولم يجعل شعر جفن العين أبيض لأنه يضعف البصر ثم شق الآذان وأودعها مآمر الحفظ وسمعها ودفع الهوام عنها وجعل فيها تجويفات واعوجاجات حتى لا يدخل الهوام إليها سريعا بل ينتبه الإنسان من غفلته قبل وصول الهوام إلى موضع السمع وهي أفضل من العين لأن الله تعالى لم يبعث رسولا أصم والله أعلم ... لطيفة: قال الإمام أحمد وطء الحامل يزيد رفع سمع الجنين وبصره ثم رفع الأنف من وسط الوجه وأحسن شكله وأودعه حاسة الشم ليدرك به غناء القلب وهو الهواء وغذاء البدن وهو روائح الأطعمة ثم فتح الفم وزينه بالأسنان وأحسن صفوفها وبيض ألوانها وأودع فيه اللسان ناطقا ومترجما عما في القلب وحوطه بالشفتين حفظا للطعام والكلام ثم خلق الحناجر مختلفة الأشكال في الضيق والسعة والطول والقصر والخشونة والملاحة فاختلفت الأصوات بذلك فلا يشبه صوت صوتا وتميز بعض الناس عن بعض بالصوت في الظلمة ثم خلق اليدين وطولها لتمتد وطولها إلى المقاصد وعرض الكف وقسم الأصابع الخمس كل أصبع بثلاثة أنامل ووضع الأربع في جانب والإبهام في جانب ليدور على جميع الأصابع فإن بسطها وضم الأصابع كانت مجوفة ثم زينها بالأظافر للحك ولأخذ الشيء الرقيق الذي لا تمسكه الأنامل ثم وصل عظام الظهر بعظام الصدر وعظام الكتف وعظام الفخذين والساقين وأصابع الرجلين وجعل عروقها متصلة ولكل عضو عضلات بحسب احتياجه إليها وجعل البطن جامعا لآلات الأكل والشرب كالأمعاء والكبد والمعدة والطحال والمرارة والكلية والمثانة فالمعدة لطبخ الطعام والكبد يحيله دماً والطحال يأخذ منه السوداء والمرارة تأخذ منه الصفراء والكلية تأخذ منه المائية إلى المثانة وهي مكان البول فإذا صار دما خالصا أخذته العروق إلى سائر البدن ثم لكل عضو من هذه الأعضاء ملك يدبره ويصلح أمره كما أن البر لا يصير طحينا وعجينا وخبزا إلا بالصناع كذلك الغذاء لا يصير دما ولحما إلا بالصناع وهم الملائكة يصلحون الغذاء في باطنك وأنت في الغفلة ومددهم من ملائكة السماء ومددهم من حملة العرش ومدد الجميع من الله تعالى ثم غذاه في بطن أمه بدم الحيض ثم سهل له الطريق وألهمه بالخروج ثم غذاه بلبن أمه حارا في الشتاء باردا في الصيف وألهمه مص الثديين وجعل حلمة الثدي على قد فمه وفتح له في الحلمة ثقبا ضيقا لا يخرج اللبن منه إلا بالمص فإذا تم له عامان لم يغذه اللبن بل يضره فيحتاج إلى الطعام والطعام يحتاج إلى المضغ والطحن والقطع وأنبت له اثنين وثلاثين سنا عند الحاجة فذلك قوله تعالى ثم أنشأناه خلقا آخر ثم رزقه التمييز العقل حتى تكامل فصار مراهقا ثم شابا ثم كهلا ثم شيخا إما شاكرا وإما كفورا واعلم أن الله تعالى خلق الآدمي من ماء وتراب ونار وهواء فالبصر من النار والسمع من الهواء والشم من الماء والذوق من التراب وجعل في المولود اثني عشر منفذا بعدد البروج سبعه منها في الرأس الفم والمنخران والعينان والأذنان وخمسة في البدن الثديان والسرة
والقبل والدبر وخلق سبعة أفلاك وخلق في الولد سبعة أعضاء فلا يصح السجود إلا عليها وهي الجبهة واليدان والركبتان والقدمان وفي الفلك سبعة أنجم وفي الولد سبعة ألطاف السمع والبصر والذوق والشم والنطق والعقل واللمس وحركاته كحركات الكواكب وولادته كطلوعه وموته كغروبه وهذا باعتبار العالم العلوي وأما السفلي فجسده كالأرض وعظمه كالجبال ومخه كالمعادن وعروقه كالأنهار ولحمه كالتراب وشعره كالنبات ووجهه كالمشرق وظهره كالمغرب ويمينه كالجنوب وشماله كالشمال ونفسه كالريح وكلامه كالرعد وضحكه كالبرق وبكاؤه كالمطر وغضبه كالسحاب وعرقه كالسيل ونومه كالموت وسهره كالخيال وأيام صباه كالربيع وشبابه كالصيف وكهولته كالخريف وشيخوخته كالشتاء وخلق الله الشمس ضياء والقمر نورا والليل ظلمة والهواء لطافة والجبال كثافة والماء رقة فجعل الضياء حظ الحور العين والنور حظ الملائكة والظلمة حظ الزبانية واللطافة حظ الجن والكثافة حظ التراب والرقة حظ الشياطين ثم جمع ذلك في بني آدم فجعل الضياء حظ الوجه والنور حظ العينين والظلمة حظ الشعر واللطافة حظ الروح والكثافة حظ العظم والرقة حظ الدماغ فلما جمع بين المتضادين في صورة واحدة مدح نفسه بقوله تعالى فتبارك الله أحسن الخالقين. والقبل والدبر وخلق سبعة أفلاك وخلق في الولد سبعة أعضاء فلا يصح السجود إلا عليها وهي الجبهة واليدان