جبريل وجلس عند رأس المصطفى حتى أفاق فدعاه للصعود إلى أعلى مراتب السعود فسار المخصوص بالتوفيق وجبريل له خير رفيق حتى وصل إلى المسجد الأقصى وقد عاين في طريقه من العجائب ما لا يحصى جمع الله النبيين الكرام فصلى بهم إماما عليه أفضل الصلاة والسلام ثم صعد على المعراج العلا كلما مر على ملأ من الملائكة رحب به ذلك الملأ ووصف في السماء الأولى بأجمل صفاته وخلعت عليه خلعة تصلح لكريم ذاته مرقوم على أكمامها ما يشهد برفع درجاته هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته وخلع عليه في السماء الثانية خلعة تشرف بها على المرسلين مرقوم عليها وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين وخلعت عليه في السماء الثالثة خلعة نال بها فخرا كثيرا مرقوم عليها يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وخلعت عليه في السماء الرابعة خلعة دار بها في الملكوت مبتهجا مرقوم عليها الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا وخلعت عليه في السماء الخامسة خلعة دار بها على النبيين تعظما مرقوم عليها إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسلما وخلعت عليه في السماء السادسة خلعة التكريم مرقوم عليها لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم وخلعت عليه في السماء السابعة خلعة جر بها على أهل السماء ذيلا مرقوم عليها سبحان الذي أسرى بعبده ليلا دلى له رفوف النور الأزهر فتقدم وجبريل عنه تأخر ثم زج في الأنوار ورفعت له الأستار حتى سمع كلام الجبار فقربه وناجاه وآنسه وناداه السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وقال ابن الجوزي رحمه الله في كتاب المجريات في الأسئلة والجوابات لما اجتهد من حاز السيادة في أبلغ العبادة واستعظم من الملأ الأعلى عقله وعرف من في الوجود فضله زاد الكريم تكريما وتفضيلا وأنزل عليه يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا فقال وعزتك لا زلت في خدمتك حتى تلفت فيها مهجتي وتغفر لأمتي فقيل لست قمت لنا في الظلام على أقلام مجاهدتك ففيه ندعوك إلى دار كرامتك سترا على حالك وغيرة على جلال جمالك لتكون خلوة بخلوة وجلوة بجلوة نوي بين حجب الجبروت وفي فضاء الملكوت يا جنة عدن تزيني ويا دار النعيم تكوني ويا حلل الإنعام تلوني ويا حور تبختري ويا سموات افتخري فقالت إلهنا ما الخبر فقال الليلة سيقدم لزيارتنا سيد البشر فلما شق جيب الغيب نشر أعلام نصر من الله وفتح قريب على أبواب الدولة المحمدية والرسالة الأحمدية فلما انحاز زخرت النهار وغشى الظلام نور الأبصار جاء جبريل وتقدم ودنا منه وسلم حياء وبجله واحترمه وقال أيها السيد قم على أقدام المسرة فقد دعيت إلى الحضرة فركب في حشمة رسالته ودارت به مواكب كرامته فلما وصل إلى مقام الإجلال كقاب قوسين لدنو الجمال قال ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا قيل لمن هذا الاستغفار قال لأمتي قال تطلب كل الأمة أو بعضها قال كلهم في وصف كرمك قيل انظر يمينك فنظر فرأى واديا مملوءا دخانا فقال يا إلهي ما هذا الدخان قال سوء أفعالهم وقبيح أعمالهم قال صلى الله عليه وسلم تريد أن توحش قلبي منهم وتنفر فؤادي