فإذا النداء من العلي الأعلى أدن يا خير البرية أدن يا محمد أدن يا أحمد فعلمت أن ربي ناداني فأدناني فكنت كما قال تعالى ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى كقرب ما بين الحاجبين وقيل كقدر ذراعين وسئل الجنيد رضي الله عنه عن هذا الدنو فقال دنو القلوب من المحبوب ذهب البين وتلاشى الأين وقيل دنا محمد من ربه بالسؤال فتدلى ربه إليه بالعطاء والنوال قال في عيون المجالس قال بعضهم طلبت معنى قوله تعالى ثم دنا فتدلى ثلاثين سنة من العلماء العارفين حتى رأيت تأويلا صحيحا وهو أنه صلى الله عليه وسلم نظر عن يمينه فرأى ربه ونظر عن يساره فرأى ربه ونظر أمامه فرأى ربه ونظر فوقه فرأى ربه ونظر خلفه فرأى ربه فكره الإنصراف من هذا المقام الشريف فعلم الله ذلك منه فقال يا محمد أنت رسول إلى عبادي ولو دمت على المقام ما بلغت رسالتي فانزل الأرض وبلغ رسالتي لعبادي وحيث ما قمت إلى الصلاة أعطيتك هذه الرتبة فلذلك قال وقرة عيني في الصلاة قال فكان قاب قوسين بروحه أو أدنى بسره يعني ترك نفسه في السماء وروحه عند سدرة المنتهى وقلبه بقاب قوصين فبقي سره وربه فقالت النفس أين القلب وقال القلب أين الروح وقالت الروح أين السر وقال السر أين الحبيب فقال الله تعالى يا نفس لك النعمة والمغفرة يا روح لك الرحمة والكرامة ويا قلب لك المحبة والمودة ويا سر أنا لك وقال القرطبي في تفسيره قيل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الله على عباده قال سبوح قدوس قيل أن سبوح قدوس من كلام الله وهي صلاته على عباده وقيل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يتوهم السائل في صلاة الله على عباده وجها لا يليق بالله تعالى وأما أمر صاحبك موسى كان أنسه بالعصا فلما أردنا كلامه قلنا له وما تلك بيمينك يا موسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى فاشتغل بذكر العصا على الهيبة وكذلك أنت يا محمد لما كان أنسك بصاحبك أبي بكر فإنك خلقت وإياه من طينة واحدة فهو أنيسك في الدنيا والآخرة يا محمد ما أعظم شأني وأعز سلطاني يا محمد انظر في أي مكان رفعتك وفي أي مكان كلمتك يا محمد أين حاجة جبريل قلت اللهم أنت أعلم بما سألك يريد أن يمد جناحه على الصراط يوم القيامة لتمر أمتي فقل قد أجبته فيما سأل ولكن في طائفة من أمتك فقلت اللهم لمن أحبك في رواية لمن أكثر الصلاة والسلام عليك قال العلائي رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت ربي بقلبي والصحيح أنه رآه بعين رأسه قال القرطبي في سورة الأنعام اجتمع ابن عباس وأبي بن كعب فقال ابن عباس أما نحن بنو هاشم فنقول أن محمدا رأى ربه مرتين ثم قال أتعجبون أن الخلة لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم فكبر أبي بن كعب تكبيرة حتى جاوبته الجبال وقال الإمام أحمد بن محمد بن حنبل أنا أقول بما قاله ابن عباس رآه بعينه رآه بعينه حتى انقطع نفس الإمام أحمد ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم وكلمني ربي بما شاء وافترض علي خمسين صلاة كل يوم وليلة فنزلت إلى موسى فقال ما فرض ربك على أمتك قلت خمسين صلاة قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فإن أمتك لا تطيق ذلك فرجعت إلى ربي قال النووي إلى الموضع الذي ناجاه فيه أولا فقلت