بلا زوال الأبدي الباقي بلا انتقال المقدس عن النظير والشبيه والمثال المنزه عن الفوق والتحت واليمن والشمال الغالب في حكمه بلا نزاع ولا جدال القدير الذي قدر الأرزاق والآجال العادل في حكمه بالموت بين الدون والعال والصغير والكبير والسادة والموالى ولو فدى منه أحد لفدى محمدا العالي سوى بين الغني والفقير والشريف والحقير على التفصيل والإجمال فالفوز لمن رضي بحكمه وسلم له الفعال والزلفى لمن شكره في سائر الأحوال لأن الموت رحلة من دار الهوان والأهوال إلى دار السلامة والكرامة والنوال دار عيشها هنيء وطعامها مريء طيبة الظلال دار صفوها بلا كدر ولا نوم فيها ولا ضجر غرفها عوال دار ترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والمرجان لا قيل فيها ولا قال دار لا تعب فيها ولا نصب ولا هم ولا غم ولا نصب وبنيانها من فضة وذهب وحورها يرفلن في حجال أنهارها جارية وثمارها ثانية وقصورها عالية ونعيمها لم يخطر على بال أهلها من مروج الصندل يضحكون وفي رياض العنبر يتبخترون أخوانا على أرائك الياقوت إقبال وأفضل ذا وذا كشف الحجاب عن وجه في الحلال أخي فلا من الموت تجزع ولا في البقاء تطمع فلنا أسوة بمن مضى ومثال فما ثم إلا التفويض والتضرع والإبتهال أحمده على بره المتوال وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجينا جميعا من الاضلال والأهوال ونستعين بها جميعا تحت التراب في الجواب عند السؤال وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ومحو الضلال بالغدو والآصال قال الله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية قال القشيري في تفسيره والسلمي في حقائقه سقمت البصائر عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إلا رجل واحد وهو أبو بكر الصديق رضي الله عنه فإن الله تعالى أيده بقوة السكينة فقال من كان يعبد محمد فإن محمدا قد مات فصار الكل مقهورين تحت سلطان ملته لما بسط الله عليه من نور جلالته كالشمس بطلوعها يندرج فيها شعاع أنوار الكواكب قال القشيري وإنما قال أفإن مات أو قتل لأنه مات وقتل أيضا بالسم الذي أكله يوم خيبر من الشاة المسمومة قال الرازي بين الله تعالى آيات كثيرة أن محمدا صلى الله عليه وسلم لا يقتل قال تعالى إنك ميت وقال تعالى والله يعصمك من الناس والمقصود من الآية أن اتباع الرسل المتقدمين ما تغيروا عن دينهم بعد موت أنبيائهم فكذلك كونوا أنتم مثلهم قال الله تعالى وكأين من نجبي قاتل معه ربيون كثير أي قتل معه جماعات كثيرة فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله أي خافوا وما ضعفوا أي ما ضعفت قلوبهم وما استكانوا أي ما أظهروا البدع والآية نزلت في غزوة أحد قال القرطبي عرف الناس موت محمد لما قرأ أبو بكر وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل الآية ودلت على شجاعته رضي الله عنه ولما مات أظلم من المدينة كل شيء ولما دخل على المدينة أضاء منها كل شيء قال البغوي في تفسيره عن الحسن علم النبي صلى الله عليه وسلم اقتراب أجله بقوله تعالى إذا جاء نصر الله والفتح قال قتادة عاش بعدها عامين قال في روض الأفكار ما ضحك فيهما وهذه السورة تسمى سورة التوديع قال ابن