دريد، فقال لهم دريد: بأي واد أنتم؟ فقالوا: بأوطاس، فقال: نعم مجال الخيل! ليس بالحزن الضرس، ولا السهل الدهس! مالي أسمع رغاء الإبل ونهاق الحمير وبكاء الصغير؟ قالوا: ساق مالك بن [عوف] مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، قال: أين مالك؟ فدعي به، فقال: يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا اليوم له ما بعده من الأيام، فلم سقت مع الناس أموالهم ونساءهم وأولادهم؟ قاله: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم! فقال دريد: هذا رأي راعي ضأن، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه؛ وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك! فارفعهم إلى أعالي بلادهم، وعليا قومهم، والق القوم بالرجال على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك، ولم تفضح في حريمك.
فقال: والله لا أفعل ذلك أبداً، إنك قد خرفت، وخرف رأيك وعلمك، والله لتطيعنني أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري! ونفس على دريد أن يكون له في ذلك ذكر أو رأي؛ فقالوا: قد أطعناك وخالفنا دريداً، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده ولم أغب عنه ثم قال: