قليل بينهم وبين شخصيات أخرى نشك في اتِّصالِها عند الأخذ بالأستاذ الحضيجي؛ كسعيد الشليح الكاتب الرسمي للحكومة، ولكن لَمَّا رأيْنَا الإنتاج في الفن، ومُحاولة نشره، إنَّما كان من الهَوزيوي الذي خلف أستاذه الحضيجي في كونه شيخ الجماعة بعده، المرجوع إليه في كل شيء، الموطوء العقب من كل من كان في قطره مرتفعا بالعلم، وصلنا هذا الطور الثالث بالمدرسة الحضيجية لعملها، وذكرى تدوم في العالَم الأدبي المغربي ما دام له وجود.
لا أستحضر الآن ما هو مقام أحمد بن عبد العزيز الهلالي السجلماسي في الأدب، كما نستحضر مقامه العالي في اللغة، واتِّساع باعه في كل العلوم التي تروج في عهده، وإنَّما رأينا بعض مَن أخذوا عنه من السوسيين ظهروا بآثار أقلامهم مع الهوزيوي، وإخوته الحضيجيين، فعندنا لعمر بن عبد العزيز، والقاضي ابن صالِح ما يدل على اعتناء أدبي كبير، وهُما من أصحاب الْهِلالي، ويذكر أيضا إذ ذاك أحمد الدرعي الروداني، ولَم ندر عمن أخذ، فإنه شارك في هذه الْحَركة الأدبية التي انبثق فجرها من مدرسة الهوزيوي، وتكتنفها حوليها أقوال من يكاتبونَهم؛ كإبراهيم الحاحي الراسلوادي، ومُحمد التَّازمُورتي، ومُحمد بن عمر (الأسْغَاركِيسي)، وابن زكري، وهؤلاء الأربعة كلهم حضيجيون، وقفنا لغالبهم على آثار، فهؤلاء الحضيجيون مع أولئك الثلاثة، من رأيناهم يظهرون في العالَم الأدبي بعد (١١٨٩هـ)، وقبلها بقليل. وسنأتي من آثارهم بِما نرى به فجرا ساطعا من مَجموعهم، ثُم لا نكاد نستمتع بنفثات تلك المدرسة، حتى تطلع علينا بعدها المدرسة الجشتيمية، وهي بنت الهَوزيوية، بِما تطلع به، ثم لَم نر بين رجالات ذلك الفجر وما بعده مِمن تَخرجوا من فاس، من رفع راية الأدب إلا ما كان من الكنسوسي الذي نشأ في تامجروت، ثُم نسمعه هزارا غريدا في الحواضر، مع أن البعثات إلى القرويين في هذا العهد عهد منبثق ذلك الفجر كثيرة متتابعة، وقد ملأ تلاميذ بناني وابن سودة وأبي حفص الأديب الفاسي وطبقتهم جبال جزولة، وكان السبب في ذلك أن الأدب الذي نراه من فاس إذ ذاك في التاريخ لَم يكن متصلا بالدراسة، وإنَّما هو ابن النوادي الأدبية الفاسية، وابن مَجهود الأفراد، فلا يتصل به من الغرباء من كانوا يسكنون في مدارس الغرباء، ولعل هذا هو السبب الحقيقي حين لَم نر من جم غفير كانوا من نَحو (١١٦٠هـ) إلى ما بعدها من ينبغون في الأدب من السوسيين المتخرجين من هناك، كما كنا نرى ذلك من قبل، أو لعل السبب ما