وقال:«تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس، فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» رواهما الترمذي وغيره؛ الأول من حديث عائشة، والثاني من حديث أبي هريرة، والمراد: عرضها على الله تعالى، وأما رفع الملائكة لها .. فإنه بالليل مرة وبالنهار مرة، ولا ينافي هذا رفعها في شعبان؛ كما في خبر «مسند أحمد»: أنه (صلى الله عليه وسلم) سئل عن إكثاره الصوم في شعبان؟ فقال:«أنه شهر ترفع فيه الأعمال؛ فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام جملة. ويسن صيام أيام الليالي البيض؛ وهي الثالث عشر وتالياه؛ قال أبو ذر:(أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن نصوم من الشهر ثلاثة أيام: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة) رواه النسائي وابن حبان، والمعنى: أن الحسنة بعشرة أمثالها؛ فصومها كصوم الشهر. ومن ثم سن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ولو غير أيام البيض؛ كما في «البحر» وغيره؛ للأخبار الصحيحة. قال السبكي: والحاصل: أنه يسن صوم ثلاثة أيام، وأن تكون أيام البيض، فإن صامها .. أتى بالسنتين. قال بعضهم: ويستثنى من ذلك ذو الحجة؛ فإن صوم ثالث عشرة حرام، فهل يسقط في هذا الشهر، أو يعوض عنه السادس عشر، أو يوم من التسعة الأول؟ فيه احتمال، ولم أر من تعرض لذلك. انتهى.
-قال الماوردي: ويسن صوم أيام السود: الثامن والعشرين وتالييه، ولا يخفى سقوط الثالث منها إذا كان الشهر ناقصاً، ولعله يعوض بأول الشهر الذي بعده؛ فهو من أيام السود؛ لأن ليلته كلها سوداء. وخصت أيام البيض وأيام السود بذلك؛ لتعميم ليالي الأولى بالنور، والثانية بالسواد، فناسب صوم الأولى شكراً، والثانية لطلب كشف السواد، ولأن الشهر ضيف قد أشرف على الرحيل، فناسب تزويده بذلك.