للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب اللعان]

هو لغة: مصدر لاعن, وقد يستعمل جمعاً للغن؛ وهو الطرد والإبعاد, وشرعاً: كلمات معلومة جعلت حجة للمضطر إلى قذف من لطخ فراشه وألحق العار به, أو إلى نفي ولد كما سيأتي, وسميت لعاناً؛ لاشتمالها على كلمة اللعن, ولأن كلاً من المتلاعنين يبعد عن الآخر بها؛ إذ يحرم النكاح بينهما أبداً، واختير لفظ اللعان على لفظي الشهادة والغضب وإن اشتملت عليها الكلمات أيضاً؛ لأن اللعن كلمة غريبة في قيام الحجج من الشهادات والأيمان, والشيء يشتهر بما يقع فيه من الغريب, وعليه جرت أسماء السور, ولأن الغضب يقع في جانب المرأة, وجانب الرجل أقوى, ولأن لعانه متقدم على لعانها في الآية والواقع, وقد ينفك عن لعانها.

والأصل فيه: قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: ٦] الآيات, وسبب نزولها خبر البخاري: (أن هلال بن أمية قذف زوجته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «البينة أو حد في ظهرك» , فقال: يا نبي الله؛ إذا رأى أحدنا على امرأته رجلاً .. ينطلق يلتمس البينة؟ ! فجعل صلى الله عليه وسلم يكرر ذلك, فقال هلال: والذي بعثك بالحق؛ إني لصادق, ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد, فنزلت الآيات).

وفي «البخاري» أيضاً: (أن عويمراً العجلاني قال: يا نبي الله؛ أرأيت إن وجد أحدنا مع امرأته رجلاً .. ماذا يصنع؟ إن قتله .. قتلتموه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآناً, فاذهب فأت بها» , قال سهل بن سعد: فتلاعنا عنده صلى الله عليه وسلم) , فجعل بعضهم هذا سبب النزول, ومن قال بالأول .. حمل هذا على أن المراد: أن حكم واقعتك تبين بما أنزل في هلال؛ إذ الحكم على الواحد .. حكم على الجماعة

<<  <   >  >>