بها، والتوجه منها إلى نمرة، والنزول بها، والخطبة، والصلاة قبل دخول عرفات مع الإمام الظهر ثم العصر جامعاً بينهما؛ فقد جمع النبي (صلى الله عليه وسلم) بين الظهر والعصر. فإذا فرغ من الصلاة .. سار إلى الموقف بعرفة، وعرفات كلها موقف، ففي أي موضع منها وقف .. أجزأه، لكن أفضلها موقف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عند الصخرات الكبار المفروشة في أسفل جبل الرحمة؛ الذي بوسط عرفة. وليس من عرفة مسجد إبراهيم الذي يصلي فيه الإمام، وبين هذا المسجد وجبل الرحمة قدر ميل. ويسن للإمام إذا غربت الشمس وتحقق غروبها أن يفيض من عرفات، ويفيض الناس معه إلى المزدلفة، ويؤخروا صلاة المغرب بنية الجمع إلى العشاء؛ ليصليهما جمعاً بمزدلفة ليلة العيد، والجمع هنا وفي ما مر سببه السفر عند الشافعي لا النسك.
[المسير إلى مزدلفة والمبيت بها]
وإذا سار إلى المزدلفة .. سار ملبياً مكثراً منها، ويسير على هينة بوقارٍ، فإذا وجد فرجةً .. أسرع، فإذا وصل المزدلفة .. استحب له أن يصلي قبل حط رحله. قوله:(وبالمزدلفة بت) أي: للإتباع المعلوم من الأخبار الصحيحة؛ وقد تقدم بيان القدر الواجب من مبيتها. قوله:(وارتحل فجراً) يعني: يسن لغير النساء والضعفة الارتحال منها في الفجر بعد صلاة الصبح بغلس إلى منى؛ للإتباع، رواه الشيخان، ويتأكد التغليس هنا على باقي الأيام؛ ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر، أما النساء والضعفة .. فيسن تقديمهم إليها بعد نصف الليل ليرموا قبل الزحمة، وفي «الصحيحين» عن عائشة: (أن سودة أفاضت في النصف الأخير من مزدلفة بإذن النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولم يأمرها بالدم ولا النفر الذين كانوا معها)، وفيهما عن ابن عباس قال:(أنا ممن قدم النبي (صلى الله عليه وسلم) ليلة المزدلفة في ضعفة أهلها).