بعمومه؛ كزنا المحصن لما أوجب أعظم الحدين وهو الرجم بكونه زنا محصن .. لم يوجب أدونهما بكونه زنا.
وفرق بينه وبين إيجاب الحيض والنفاس والوضوء مع إيجابهما الغسل بأمور، منها: أنهما لا فائدة لبقاء الوضوء معهما، وأنهما يمنعان صحة الوضوء فلا يجامعانه، بخلاف خروج المني يصح معه الوضوء في صورة سلسل المني فيجامعه.
وخرج بقوله:(موجب التغسيل): ما لا يوجبه؛ كأن جومعت في دبرها، أو في قبلها ولم تقض شهوتها واغتسلت ثم خرج منها، أو استدخل شخص منيه، أو مني غيره، ثم خرج منه .. فإنه يوجب الوضوء؛ كما شمله المستثنى منه أيضاً.
(كذا زوال العقل - لا بنوم كل ... ممكنٍ - ولمس مرأةٍ رجل)
ذكر في هذين البيتين الثلاثة الباقية من موجبات الوضوء:
فثانيها: زوال العقل؛ أي: التمييز؛ فإن فسر بآلة التمييز كما حكي عن الشافعي، أو بأنه صفة يميز بها بين الحسن والقبيح .. فالمراد زوال تصرفه وهو التمييز؛ إما بارتفاعه بالجنون، أو انغماره بالإغماء، أو السكر ونحوه، أو استتاره بالنوم ونحوه.
أما النوم .. فلحديث:"العينان وكاء السَّه فمن نام .. فليتوضأ" رواه أبو داود وغيره، وحسنه المنذري وغيره، وأخرجه ابن السكن في "صحاحه".
وغير النوم مما ذكر أبلغ منه في الذهوب الذي هو مظنة لخروج شيء من دبره؛ كما أشعر به الخبر؛ إذ (السَّه) الدبر، ووكاؤه: حفاظه عن أن يخرج منه شيء لا يشعر به، والعينان: كناية عن اليقظة، ولا يضر في النقض بزوال العقل الذي هو مظنة لخروج الخارج كون الأصل عدم خروج شيء؛ لأنه لما جعل مظنة لخروجه من غير شعور به .. أقيم مقام اليقين؛ كما أقيمت الشهادة المفيدة للظن مقام اليقين في شغل الذمة.
وقوله:(لا بنوم كل ممكن) أي: لا يجب الوضوء بنوم كل شخص ممكن مقعده من مقره