التمر والصاع, ولو قل اللبن: فإن تراضيا بغيره .. جاز, فإن فقد .. فقيمته بالمدينة, ولا يختص خيارها بالنعم, بل يعم كل مأكول, والجارية والأتان ولا يرد معهما شيئاً. ولو حبس ماء القناة أو الرحى, وأرسله عند البيع أو الإجارة, أو حمر وجنة الرقيق أو ورم وجهه, أو سود شعره أو جعده .. فللمشتري الخيار, بخلاف ما لو لطخ ثوبه بالمداد, أو ألبسه زي خباز مثلاً, أو ورم ضرع البهيمة. وأما الغبن .. فلا يثبت الخيار وإن فحش؛ كمن اشترى زجاجة ظنها جوهرة؛ لتقصيره.
والثالث: ما يظن حصوله بالعرف المطرد؛ وهو السلامة من العيب, وضابطه: أن الرد يثبت بكل ما ينقص العين أو القيمة نقصاً يفوت به غرض صحيح إذا غلب في جنس المبيع عدمه, وقد أشار إليه بقوله:
(وإن بما أبيع عيب يظهر ... من قبل قبض: جائز للمشتري)
(يرده فوراً على المعتاد ... ككون من تباع في اعتداد)
أي: وإن يظهر بالذي أبيع عيب من قبل قبض من المشتري للمبيع, سواء أوجد قبل العقد, أم حدث بعده؛ أي: أو حدث بعد القبض, واستند إلى سبب متقدم جهله المشتري .. فجائز له أن يرده فوراً على المعتاد, فلا يكلف غير المبادرة المعتادة, فلو علمه وحضرت صلاة ولو نافلة, أو أكل, أو لبس, أو قضاء حاجة, أو كان في حمام, أو ليل فأخر لذلك .. جاز. ولا يتوقف الرد على حكم القاضي ولا حضور الخصم, وله الرد ولو بوكيل إلى وكيل, وله الرفع إلى القاضي وهو آكد. فإن كان البائع غائباً ولا وكيل له حاضر, ورفع المشتري إلى الحاكم, وأثبت الشراء منه وتسليم الثمن إليه, والعيب والفسخ به, وحلف .. قضى له بالثمن من ماله, ووضع المبيع عند عدل, وإن لم يكن له مال .. بيع فيه المبيع. ولو أمكنه الإشهاد على الفسخ في طريقه أو حال عذره .. لزمه, فإن عجز عن الإشهاد .. لم يلزمه التلفظ بالفسخ في الأصح, وإنما تعتبر فورية الرد في بيع الأعيان, ويعذر في تأخيره؛ لجهله إن قرب إسلامه, أو نشأ بعيداً عن العلماء, ولجهل فوريته أيضاً؛ كما قاله الرافعي,