وكل أمين من مرتهن ووكيل، وشريك وعامل قراض، وولي محجور، وملتقط لم يتملك، وملتقط لقيط، ومستأجر وأجير وغيرهم .. يصدق باليمين في التلف على حكم الأمانة إن لم يذكر له سبباً، أو ذكر سبباً خفياً أو ظاهراً عرف دون عمومه، وإن لم يعرف .. فلا بد من إثباته بالبينة، ثم يصدق بيمينه في التلف به، وإن عرف وقوعه وعمومه، ولم يحتمل سلامتها .. صدق بلا يمين.
[جحود الوديعة]
وجحود الوديعة بعد طلب مالكها -كأن قال:(لم تودعني شيئاً) - مضمن؛ لخيانته.
ولو جحدها ثم قال:(كنت غلطت) أو (نسيت) .. لم يبرأ إلا أن يصدقه المالك.
ولو أقام المالك عليه بينة بها، فادعى ردها عليها .. لم يقبل قوله فيه، وهذا معنى قول الناظم:(لا الرد بعد الجحد)، أما لو أقام بينته بردها على مالكها .. فإنها تسمع؛ لأنه ربما نسى ثم تذكر؛ كما لو قال المدعى لشيء:(لا بينة لي به)، ثم جاء ببينة .. فإنها تسمع، وسواء أجحد أصل الإيداع أم لزوم تسليم شيء إليه.
[ضمان الوديعة]
وإنما يضمن المودع الوديعة بالتعدي فيها؛ كأن خالف مالكها فيما أمره به في حفظها، وتلفت بسبب المخالفة؛ كأن قال له:(لا ترقد على الصندوق)، فرقد وانكسر بثقله وتلف ما فيه، أو خلطها بمال نفسه، أو مال المالك ولم يتميز، أو انتفع بها كأن ركبها، أو لبسها بغير عذر، أو سافر بها مع وجود مالكها أو وكيله، ثم الحاكم، ثم الأمين.
ويضمنها أيضاً بالمطل في تخليه بينها وبين مالكها من بعد طلبها من غير عذر ظاهر؛ لتقصيره بترك التخلية الواجبة عليه حينئذ.
فإن ما طل في تخليتها لعذر ظاهر؛ كصلاة أو طهارة أو أكل، أو لقضاء حاجة أو حمام، أو ملازمة غريم يخاف هربه، أو نحوها مما لا يطول زمنه، أو لغير عذر ولكن لم يطلبها مالكها .. لم يضمنها؛ لعدم تقصيره، وإطلاق المطل عليه حيث لا طلب مجاز سلم منه تعبير غيره بالتأخير، وعبر بالتخلية؛ لأنه لا يجب على المودع مباشرة الرد وتحمل مؤنته، بل التخلية بينها وبين مالكها بشرط أهليته للقبض، فلو حجر عليه بسفه، أو كان نائماً فوضعها في يده ..