فيحرم التفضيل وإن ترجحت واحدة بشرفي وغيره, لكن لحرة مثلا أمة, وإنما وجب القسم مع امتناع الجماع؛ لأن المقصود الأنس والتحرز عن التخصيص الموحش لا الجماع؛ لأنه يتعلق بالنشاط ولا يملكه, ولهذا لا تجب التسوية فيه ولا في غيره من التمتعات, لكن يستحب, ولا قسم لمعتدة وناشزة.
وخرج بـ (الزوجات): الإماء وإن كن مستولدات, قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٣] أشعر ذلك بأنه لا يجب العدل الذي هو فائدة القسم في ملك اليمين, لكن يستحب؛ كي لا يحقد بعض الإماء على بعض.
والمراد من القسم للزوجات - والأصل فيه الليل كما سيأتي -: أن يبيت عندهن, ولا يلزمه ذلك ابتداء؛ لأنه حقّه فله تركه, وإنما يلزمه إذا بات عند بعض نسوته, سواءً أبات عند البعض بقرعة أم لا, وسيأتي وجوبها لذلك, ولو أعرض عنهن أو عن الواحدة ابتداءً, أو بعد القسم .. لم يأثم.
ويستحب ألا يعطلهن؛ بأن يبيت عندهن ويحصنهن وكذا الواحدة.
وأدنى درجاتها: ألا يخليها كل أربع ليالي عن ليلة اعتباراً بمن له أربع زوجات, فإن لم ينفرد بمسكن .. دار عليهن في بيوتهن, وإلا ... فالأفضل ذلك: صوناً لهن عن الخروج من المساكن, وله دعاؤهن إلى مسكنه, وعليهن الإجابة.
ويحرم ذهابه إلى بعضٍ ودعاءُ بعضٍ - إلا لغرضٍ؛ كقرب مسكن من ذهب إليها - وإقامتُه بمسكن واحدة ودعاؤهن إليه؛ لما في إتيانهن إليه من المشقة عليهن, وتفضيلها عليهن, وجمع ضرتين في مسكن إلا برضاهما؛ لأن جمعهما فيه مع تباغضهما يورث كثرة المخاصمة ويشوش العشرة, فإن رضيتا به .. جاز, لكن يكره وطء إحداهما بحضرة الأخرى؛ لأنه بعيد عن المروعة, ولا تلزمها الإجابة إليه.
ولو اشتملت دار على حجر مفردة المرافق .. جاز إسكان الضرات فيها من غير رضاهن, وكذا إسكان واحدة في السفل وأخرى في العلو والمرافق متميزة؛ لأن كلاً مما ذكر مسكن.
وله ترتيب القسم على ليلة ويوم قبلها أو بعدها, والأصل الليل, والنهار تبع؛ لأن الليل وقت السكون, والنهار وقت التردد في الحوائج, قال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا} [يونس: ٦٧] , وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [النبأ: ١٠ - ١١] , فإن عمل ليلاً وسكن نهاراً كحارس .. فالأصل في حقه النهار والليل تابعٌ.