الثانية: تجب استتابة المرتد قبل قتله؛ لأنه كان محترماً بالإسلام، وربما عرضت له شبهة فتزال؛ إذ لو مات على حاله .. مات كافراً، بخلاف تارك الصلاة؛ فإنه لو مات .. مات مسلماً، في الحال بلا مهلة، فإن لم يتب .. وجب قتله؛ لخبر البخاري:«من بدل دينه .. فاقتلوه» وهو شامل للمرأة وغيرها، لأن المرأة تقتل بالزنا بعد الإحصان، فكذلك بالكفر بعد الإيمان كالرجل، وأما النهي عن قتل النساء .. فمحمول بدليل سياق خبره على الحربيات، ولكن لا يقتل المرتد في جنوبه أو سكره؛ فربما رجع، فلو قتله إنسان قبل الاستتابة .. فمسيء يعزر ولا شيء عليه، ويستحب أن تؤخر توبة السكران إلى إفاقته.
قال الماوردي: ولا يدفن المرتد في مقابر المسلمين؛ لخروجه بالردة عنهم، ولا في مقابر الكفار؛ لما تقدم له من حرمة الإسلام.
وإن أسلم المرتد ذكراً كان أو أنثى .. صح إسلامه، ولو كان زنديقاً يظهر الإسلام ويبطن الكفر، أو باطنياً يقول بأن للقرآن باطنا، وأنه المراد منه دون ظاهره، أو سكران أو تكررت ردته؛ لإطلاق قوله تعالى:{قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وقوله صلى الله عليه وسلم: «فإذا قالوها .. عصموا مني دماءهم وأموالهم»، ويعزر من تكررت ردته؛ لزيادة تهاونه بالدين.
ولو أسلم من كفر بقذف نبي .. صح إسلامه، وترك كسائر المرتدين؛ قاله أبو إسحاق المرزوي، ورجحه الغزالي وغيره، وتبعه في «الحاوي الصغير» ونقله ابن المقري عن الأصحاب، وقال أبو بكر الفارسي: يصح إسلامه ويقتل حداً؛ لأن القتل حد قذف النبي صلى الله عليه وسلم، وحد القذف لا يسقط بالتوبة، وادعى فيه الإجماع، ووافقه القفال،