وقد ذكر المصنف: أنه لا يكره استعمال المشمس على المختار؛ أي: عند النووي دليلاً في "روضته" وغيرها، وصححه في "تنقيحه"، وقال في "مجموعة": إنه الصواب الموافق للدليل ولنص "الأم"، والخبر ضعيف باتفاق المحدثين، وكذا الأثر؛ فإنه من رواية إبراهيم بن أبي يحيى، وقد اتفقوا على تضعيفه وجرحوه إلا الشافعي فوثقه، فثبت أنه لا أصل لكراهته، ولم يثبت عن الأطباء فيه شيء. انتهى.
وأجيب بأن دعواه أن الموافق للدليل ولنص "الأم" عدم الكراهة .. ممنوعة، وأثر عمر رواه الدارقطني بإسناد آخر صحيح، على أن الحصر في قوله:"إلا الشافعي فوثقه) .. ممنوع، بل وثقه ابن جريج وابن عدي وغيرهما كما ذكره الإسنوي.
وقوله:(ولم يثبت عن الأطباء فيه شيء) شهادة نفي لا يرد بها قول الشافعي، ويكفي في إثباته قول السيد عمر الذي هو أعرف بالطب من غيره، وتمسكه به من حيث إنه خبر لا تقليد.
ومما يكره استعماله: شديد الحرارة والبرودة؛ لمنعه الإسباغ، فإن فقد غيره وضاق الوقت .. وجب، أو خاف منه ضرراً .. حرم كما نبه عليه المحب الطبري، وكل ماء مغضوب عليه كمياه ثمود إلا بئر الناقة، وماء ديار قوم لوط؛ لخسفها، وماء ديار بابل؛ لخبر أبي داود أنها أرض صار كنقاعة الحناء، وماء بئر برهوت؛ لخبر ابن حبان: "شر بئر في الأرض برهوت".
(وإن بنفسه انتفى التغير ... والماء - لا كزعفرانٍ - يطهر)
فيه مسألتان:
[إذا انتفى تغير الكثير بنفسه]
الأولى: إذا انتفى تغير الماء الكثير بالنجس؛ بأن لم يدرك بنفسه لا بعين كطول مكث، وهبوب ريح، أو بماء نبع فيه أو صب عليه ولو متنجساً .. طهر؛ لانتفاء علة التنجس وهي التغير، ولا يضر عود تغيره إذا خلا عن نجس جامد.