ثانيها: دخول وقت ما يتيمم له، سواء أكان فرضاً أو نفلاً ولو نذراً؛ لأن التيمم طهارة ضرورة، ولا ضرورة قبل الوقت.
فلو نقل التراب قبله ومسح به الوجه بعده .. لم يصح، وكذا لو شك هل نقله قبله أم فيه وإن تبين أنه نقل فيه، فيصح التيمم للثانية في جمع التقديم وقت الأولى عقب فعلها، فلو دخل وقت الثانية قبل أن يصليها .. بطل التيمم، بخلاف ما لو تيمم لفائتة قبل وقت الحاضر .. فإنها تباح به؛ لأنه استباح ما نوى فاستباح غيره بدلاً، وهنا لم يستبح ما نوى بالصفة التي نوى فلم يستبح غيره.
ويتيمم للأولى في جمع التأخير في وقتها، أو في وقت الثانية، ويتيمم للفائتة عند تذكرها، ويصح التيمم في وقت الكراهة للمؤقتة وذات السبب لا للنافلة المطلقة، ولا يبطل تيممها بدخول وقت الكراهة.
[سؤال الماء لفاقده قبل التيمم]
ثالثها: سؤال ظاهر لفاقد الماء؛ بأن يطلبه في الوقت بنفسه أو مأذونه إذا لم يتيقن عدمه؛ لقوله تعالى:{فلم تجدوا ماءً فتيمموا}، ولا يقال: لم يجد إلا بعد الطلب، أما إذا تيقن عدمه .. فلا طلب؛ لأنه عبث، فإن جوَّز وجوده في شيء .. وجب عليه طلبه منه؛ كأن يفتش رحلة وينظر حواليه يميناً وشمالاً وأماماً وخلفاً، ويتأمل موضع الخضرة والطيران إن كان بمستو، وإلا .. تردد إلى حد الغوث؛ وهو ما يلحقه فيه غوث الرفاق مع ما هم عليه من التشاغل بأشغالهم، والتفاوض في أقوالهم، وعبَّر عنه في "الشرح الصغير": بغلوة سهم.
ويعتبر في سؤاله كونه ظاهراً؛ بأن ينادي في رفقة منزله المنسوب إليه نداء يعمهم، إلا أن يضيق وقت الصلاة:(من معه ماء)، أو (من يجود بالماء)، أو (يبيع الماء)، ولا يجب أن يطلب من كل واحد بعينه، ويكفي أن تأذن الرفقة لثقةٍ يطلب لهم.
وإن تيقنه .. لزمه طلبه إن كان بحد القرب؛ وهو ما يقصده الرفقة للاحتطاب ونحوه، وإلا .. فلا، ولو تيقنه آخر الوقت .. فانتظاره أفضل، أو جوَّز وجوده .. فتعجيل التيمم أفضل؛ كمريض ينتظر القدرة، وعار ينتظر السترة.
أما المقيم .. فلا يتمم، ويجب عليه أن يسعى إليه وإن فات الوقت، ولا ينتظر مزاحمٌ على بئرٍ أو ثوبٍ أو مقامٍ نوبةً عَلِم أنها لا تصل إليه إلا بعد الوقت، بل يصلي فيه بتيمم أو عارياً أو قاعداً ولا إعادة.