[من محاذير اختلاف التنوع: عقد مبدأ الولاء والبراء للجماعة]
المحذور الرابع: عقد الولاء والبراء على هذه الأعمال المتنوعة والأولويات المختلفة، وتقديمه على أصل الولاء لدين الله والمنهج الإسلامي الصحيح، الذي هو منهج أهل السنة والجماعة بشموله وتوازنه، فنجد كثيراً من الجماعات الإسلامية توالي وتعادي على ما جعلته من أولويات عملها، ونجد أفرادها يتخذون موقفاً ممن رأوا منه اهتماماً بنوع آخر غير ما تعودوا عليه.
فهو يحب ويبغض على أساس أن الشخص هذا يعمل مثل ما هو يعمل، وينتمي إلى نفس نوع العمل، ولو وجده يخرج مثلاً في سبيل الله مع جماعة التبليغ يصبح له منه موقف آخر.
فالعلاج هنا يكمن في تعميق الولاء على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة، وليس التعصب على الأسماء ولا الأعمال ولا العلوم، بل نحب الطاعة من كل من أطاع الله ونواليه عليها كما نوالي غيره على طاعته الأخرى، ونبغض المعصية من كل من عصى الله ونبرأ إلى الله منها، سواء عمل صاحبها بما نراه من أولويات عملنا أو غيره، فلو أن شخصاً على المنهج السلفي ولكن في نفس الوقت يخدع الناس، أو يعق والديه أو فيه أخلاق ذميمة فأنا أحبه على منهجه وأبغضه على معصيته.
فمثلاً لو رأى طلاب العلم طالب علم منهم قد أتى معصية من المعاصي، فلا بد أن يبغضوا ذلك منه ويبرءوا إلى الله من هذا العمل، ولا يكون همهم التهوين من هذا الخطأ في حين لو ارتكب هذه المعصية من ينتسب إلى الاتجاه الآخر لم يلحظوا له خيراً ولا طاعة لعلها تكون سبباً لمغفرة الله له.
والميزان في ذلك لابد أن يكون واحداً منضبطاً وهو: الطاعة والمعصية الخير والشر، فنحب على الطاعة ونبغض على المعصية، ونحب أهل الخير ونبغض أهل الشر نحب على السنة ونبغض على البدعة، كما بينت ذلك أدلة الكتاب والسنة والإجماع.
خلاصة القول في اختلاف التنوع: أنه من مقتضيات الرحمة ومظاهرها، ولا بد من استثماره لتحقيق التكامل بين المسلمين، ولا بد من أجل ذلك أن نتجنب ترك الواجبات العينية الأخرى، وتحقير العلوم والأعمال الأخرى، والتعصب على اسم معين أو عمل معين.
بل لا بد أن يكون العمل على المنهج الإسلامي الصافي النقي، وأن نؤدي كل الواجبات المفروضة علينا لكي نحقق التكامل في الشخصية المسلمة التي تتربى من خلال العمل الإسلامي، ولا نحقر عملاً صالحاً ولا علماً، ونوالي ونحب ونبغض على الكتاب والسنة، ونجعل الولاء والبراء لله عز وجل، {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ}[المائدة:٥٥ - ٥٦]، وقال تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[التوبة:٧١].