ومنها الخلاف في تسمية أفعال الرب حوادث، وهل يصح أن نقول: إن فعل الرب حادث، كما في قوله تعالى:{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الأنبياء:٢] فالذي قال فيه: إنه حادث، قصد أنه قديم النوع حادث الأفراد، فتسمى حادثة مع الإجماع على أنها ليست مخلوقة، وأن حدوثها ليس كحدوث المخلوقين، وهذا نص ترجمة الإمام البخاري في كتاب التوحيد، فقال: باب قول الله: ((مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ)) وأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين، فهذا ترجيح من الإمام البخاري لتسمية أفعال الرب بأنها بالحوادث.
وقال قوم: كلام الله ليس بمحدث، وابن تيمية يقول: هو محدث وليس معنى محدث، عندهم أنه مخلوق، لكن معناه: أن الله تكلم به في وقت معين، فكلم الله به موسى حين كلمه ولم يكن كلمه قبل ذلك، أو بمعنى أنه محدث إلينا.
فالإمام البخاري ذكر هذا في هذه الآية، فلا يلزم من كونه محدثاً أن يكون مخلوقاً؛ لأن حدثه لا يشبه حدث المخلوقين، فالإمام البخاري وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله قالوا: إن أفعال الرب تسمى حادثة.
وغلطوا من قال: حادث بعد أن لم يكن، وقالوا: هو قديم النوع حادث الأفراد.
إذاً: فالخلاف في المسألة خلاف سائغ، مع أنها مسألة اعتقادية.