إن الاحتفاظ بنقاء المنهج الإسلامي مرتبط ارتباطاً أكيداً بالموقف من المنحرفين عن المنهج السلفي من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وإلا دخل الزور والبهتان إلى الصحوة الإسلامية، وبقدر ذلك تفقد نصر الله لها؛ لأنها إنما تنصر لقيامها بالدين الذي أنزله، وبالشرع الذي شرعه، وبالسنة التي جاء بها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن أهم ما يلزم التنبه إليه في إدراك هذا الاختلاف وأسبابه: أن الأمر لابد فيه من معالجة حقيقية للأسباب، وليس مجرد رفع شعارات التوحد والاجتماع، أو نبذ العصبية والفرقة دون التصدي لحقيقة هذا الخلاف، وتحديد المسائل التي توضع تحته في كل نواحي العمل الإسلامي -بمعنى أنه يجب أن نحدد أي نوع من المسائل التي يجوز فيها الخلاف السائغ وغير السائغ- في العقائد، وأصول الإيمان، ومناهج الاستدلال، والعمل، ومناهج التغيير وغيرها من المسائل التي تشغل أبناء الحركات الإسلامية.
إن من يحاول علاج هذا النوع من الخلاف بالعاطفة وحدها مثله كمثل رجل أراد أن يطفئ ناراً فغطاها بثوب رقيق والجمر تحته مشتعل، فبعد لحظات اشتعلت النار في الثوب نفسه فصار سبباً لزيادة اشتعالها.
لابد كذلك من الناصحين للحركات الإسلامية ممن يقف موقف الناقد المتفرج دون النزول إلى مجالات العمل الإسلامي من التمييز عند تعدد المناهج، والتمييز بين الخلاف السائغ وغيره من أنواع الخلاف.
ونسمعهم يقولون: نريد ترشيد الصحوة الإسلامية، فإذا به يوجه الخطاب لكل المناهج دون تفريق بينها معتبراً أن الخلاف يمكن إنهاؤه بالتقريب ين الأطراف المختلفة وهذا ليس نصحاً.
لابد أن يميز هؤلاء بين تعدد المناهج، وبين أنواع الخلاف السائغ، فلا يسوي بين أهل السنة وأهل البدعة بطريقة نقده أو نصيحته، إن كان فعلاً صادق الانتماء للسنة ومنهج السلف؛ لأن البعض يجعل الجماعات كلها جماعات بدعة، سنية أو بدعية، والبعض ينصح بقبولها كلها سنية أو بدعية، ويحاول تهوين الخلاف.
ولذلك فمن المؤكد أن إدراك هذا النوع من الخلاف وأن معظم الخلاف المنهجي راجع إليه لابد ألا يجعل لنا إلا موقفاً واحداً تجاهها وهو موقف النابذ للبدعة؛ لأجل ذلك خلاصة الثلاثة أنواع من الخلاف: خلاف التعدد يجب استثماره بالضوابط، والسائغ يجب احتماله، وغير السائغ يجب محاربته، وعند الخلط في التعامل مع هذه الأنواع من الخلاف أو معاملتها بطريقة واحدة ستكون مصائب عظيمة، ولذا لابد من الضبط التام لمثل هذه المعاني.