قد تقدم أن الله جل وعلا حث عباده على الالتفاف حول السنة، وكذلك رسوله صلى الله عليه وسلم حث على الالتفاف حول سنته، ولذلك فإنه وإن ظهر الاجتهاد في عصر الصحابة لكنه كان في فهم مراد الله وفهم مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال الشافعي: آمنت بالله وبما جاء عن الله وعلى مراد الله.
ومراد الله لا يعرفه إلا المجتهد الذي يسهر ليله ويظمأ نهاره حتى يصل إلى مراد الله جل في علاه.
فقد اجتهد الصحابة كما اجتهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الاجتهاد ما كان للإتيان بحكم جديد ولكن لفهم مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف الأصوليون في الاجتهاد لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإمكانيته، هل له أن يجتهد أم لا؟ والصحيح الراجح أصولياً أنه يجوز له أن يجتهد، لكن إن أخطأ لا يمكن أن يقر على خطئه.
والدليل على اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى:{وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ}[النساء:٨٣].
والدليل الأوضح من ذلك قوله تعالى:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ}[آل عمران:١٥٩] والمشاورة تدل على أنه سيجتهد في الرأي الصائب السليم ثم يعمل به.