أما فحوى الخطاب: فهو أن يكون المعنى في المسكوت عنه أقوى من المنطوق, ويسميه بعض الأصوليين: القياس الجلي, إلا أن الشافعي رجح أنه من دلالات الألفاظ، مثال ذلك قول الله تعالى:{فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء:٢٣] فالمنطوق هنا: النهي عن التأفف، والأقوى منه في المسكوت عنه، وهو الضرب، فإن حرم الله عليك أن تقول لهما: أف، وأيضاً حرم عليك أن تضربهما من باب أولى, إذ المعنى في المسكوت عنه أقوى، فهو أولى بالحكم من التأفف.
ومثال ذلك أيضاً: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الراكد ثم يغتسل منه) فالمنطوق قوله: لا يبولن، وهو نهي عن البول في الماء الراكد، والمسكوت عنه الأقوى في المعنى: وهو التغوط، فإذا نهى النبي عن البول وهو الأخف نجاسة فالتغوط أشد، فيكون أولى بالحكم.