وطء الزوجة بعد أن تطهر من الحيض واجب عند أهل الظاهر، فهم يرون وجوب إتيان الزوجة فور الطهر.
وعندهم يكفيها أن تغسل الفرج دون أن تغتسل، واستدلوا بقول الله تعالى:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة:٢٢٢].
ومحل الشاهد:(فأتوهن من حيث أمركم الله)، وهذا أمر، وظاهر الأمر الوجوب، فيجب على الزوج إذا طهرت زوجته من الحيض أن يأتيها ائتماراً بأمر الله جل في علاه.
وقال جمهور أهل العلم: المرأة إذا طهرت من الحيض يستحب لزوجها أن يأتيها؛ لأمر الله جل في علاه:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة:٢٢٢].
وبعض العلماء قالوا: هو على الإباحة لا على الاستحباب، والأوامر قد تأتي على الإباحة، كقول الله تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:٢٨]، وقوله:{كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ}[الأنعام:١٤١]، فهذا الأكل على الإباحة لا على الوجوب.
والصحيح الراجح هو قول الجمهور، والصارف الذي صرف الأمر في قول الله تعالى:{فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ}[البقرة:٢٢٢] من الوجوب إلى الاستحباب أن الأصل في الجماع أنه على الإباحة، لاسيما وأن هذا الأمر جاء بعد الحظر؛ لأنه قال:{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}[البقرة:٢٢٢]، فحرم الإتيان وقت الحيض، وبعد هذه الحرمة جاء الأمر بالإباحة فقال:((فَأْتُوهُنَّ)) يعني: النهي معلق بصفه الحيض، فإذا انتهى الحيض انتهى التحريم، ويرجع الأمر على ما هو عليه من الإباحة.