اختلف العلماء في الأمر هل يدل على الوجوب بذاته أم لا بد من قرينة تثبت هذا الوجوب؟ اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال أربعة: القول الأول: الأمر للوجوب، وهذا قول جمهور أهل العلم.
القول الثاني: الأمر يدل على الندبية إلا إذا جاءت القرائن التي تبين الوجوب.
القول الثالث: الوقف، فلا يدل على الوجوب ولا على غير الوجوب حتى تأتي القرائن.
القول الرابع: الأمر للإباحة، وهذا ضعيف، والراجح الصحيح أن ظاهر الأمر يدل على الوجوب كما هو قول الجمهور، والدليل على ذلك قول الله جل في علاه في كتابه:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ}[النور:٦٣]، قال أحمد: الفتنة الشرك، فقد حذر الله من مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا التحذير يدل على أن الأمر للوجوب.
أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم:(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء)، وفي رواية:(عند كل صلاة)، فقد امتنع من الأمر حتى لا تقع المشقة؛ ولذلك قال الشافعي: لو أمر لوجب شق أو لم يشق.
أيضاً قول النبي صلى الله عليه وسلم:(كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى)، فلا يستحق النار إلا من عصى.
وأوضح من ذلك حديث أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها عندما (دخل النبي صلى الله عليه وسلم عليها وهو غضبان فقالت: يا رسول الله! من أغضبك أهلكه الله؟! فقال: أمرت الناس بأمر فلم يأتمروا)، والهلاك لا يلحق إلا من عصى، فهذه دلالة على أن عصيان الأوامر يأتي بالهلاك؛ لأنه خالف أمر الله، فهذه دلالة على أن أمر الله على الوجوب لا على الاستحباب كما هو الراجح والصحيح الذي لا محيد عنه.
والقول بأنه على الاستحباب إلا لقرينة هو قول بعض الشافعية وبعض الأحناف.