[الرد على من يجوز الأخذ بأي قول في المسائل الخلافية]
وفي السنن ومسند أحمد أيضاً عن العرباض بن سارية أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً).
وهذا يرد على من يقول بأن اختلاف الأمة رحمة، وأنه يجوز أن نأخذ بأي قول.
وهذا هو عين الهلاك، ولو قلنا بهذا لصح الزواج مثلاً بتسع نسوة كما قال بهذا ابن حزم، فقد جمع قوله تعالى:{مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ}[النساء:٣] فصارت تسعة واستدل بها على جواز الزواج بتسع من النساء كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ولو قلنا بهذا لصح أيضاً وطء المرأة المستأجرة كالأمة تماماً، وأنه يفعل بها ما شاء كيف شاء من غير نكاح، ولجاز الربا مع أهل الكتاب أو في أي بلد حربي، وهذه عين المهلكة.
ولو قلنا بهذا المبدأ لما جاز الإنكار على المخالف، فلو رأيت رجلاً في الشارع يتراقص ويسمع أم كلثوم أو مغنياً من المغنين، فهل لك أن تنكر عليه أم لا؟ فإذا أنكرت عليه قال لك: أنا آخذ بقول الشيخ القرضاوي، وقال بأن اختلاف الأمة رحمة.
وهكذا في أي مسألة أخرى فإنه سيقول لك بأن هذا القول هو قول الإمام الشافعي أو الإمام مالك أو ابن حزم، وقد قال بها شيخ من العلماء المعتمدين وهكذا، فهذه مهلكة لهذه الأمة، فاختلاف الأمة لا يمكن أن يكون رحمة إلا في أمر يسوغ فيه الاجتهاد ولم يتبين فيه الدليل بحال من الأحوال.