التسمية عند الأكل: فالتسمية عند الأكل هي عند الجمهور على الاستحباب، أما أهل الظاهر فقالوا: هي على الوجوب، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ عمرو بن سلمة:(يا غلام! سم الله وكل بيمينك، وكل مما يليك).
فهذا أمر، وظاهر الأمر الوجوب، فقال أهل الظاهر: التسمية واجبة عند الطعام، والأكل باليمين واجب عند الطعام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، والنبي لا يأمر إلا بالواجب، ولو أكل وشرب ولم يسم عامداً يأثم عند الظاهرية، أما إن كان ناسياً فلا يأثم بالاتفاق.
والتسمية عند الجمهور سنة وليست واجبة، قالوا: لأن هذا من باب الآداب، وهذه قاعدة عند الجمهور، وهي: الأوامر والنواهي إن كانت من باب الآداب فهي تصرف الأوامر من الوجوب إلى الاستحباب، وتصرف النواهي من التحريم إلى الكراهة.
وأنا لا أميل لهذا القول، بل القول الأقوى والأصح دليلاً هو قول أهل الظاهر فإذا لم يرد نص ولا إجماع ولا مفهوم ولا نظر ولا قياس حتى نقول بالصرف فيبقى أمر النبي صلى الله عليه وسلم على ما هو عليه؛ حفظاً لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلذا نقول: لزاماً على الآكل أن يسمي وأن يأكل بيمينه.
ويستدل لأهل الظاهر بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل:(كل بيمينك، قال: لا أستطيع، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا استطعت، فما رفع يده إلى فيه).
لكن للجمهور أن يجيبوا عن هذا الاستدلال بما في آخر الحديث:(ما منعه إلا الكبر)، فيكون الدعاء عليه من أجل الكبر.
ونحن نقول: بل للأمرين؛ لأنه لم يأكل باليمين ولأنه متكبر، فالصحيح الراجح وجوب التسمية عند الطعام ووجوب الأكل والشرب باليمين، لا سيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تأكلوا بشمالكم فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله)، وهذا ظاهره التحريم، والله تعالى أعلى وأعلم.