أيضاً: الصلاة في الثوب المغصوب أو الدار المغصوبة أو الوضوء بالماء المغصوب، هذا فيه خلاف بين جمهور أهل العلم وبين الحنابلة، فعند الحنابلة تبطل الصلاة ولا تصح، واستدلوا بحديث:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ومذهب الجمهور أن الصلاة صحيحة والغصب حرام؛ لأن الغصب ليس شرطاً من شروط الصلاة، وليس ركناً من أركان الصلاة.
وكيف نرد على استدلالهم بحديث:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)؟ نقول: هو صلى صلاة عليها أمرنا، وقد توافرت فيها الأركان والشروط، وغصب غصباً ليس عليه أمرنا، فأثم بالغصب وصلاته صحيحة.
أيضاً: البيع وقت نداء الجمعة، اختلف العلماء هل يصح العقد عند النداء أم لا يصح؟ الحنابلة يرون أن البيع باطل، قالوا: مطلق النهي يقتضي الفساد، يعني لا يترتب عليه آثاره، فلا المشتري يمتلك السلعة، ولا البائع يمتلك الثمن.
وقال الجمهور: البيع صحيح، ويأثمان بمخالفة النهي.
قال الحنابلة: من باع بيعاً ليس عليه أمرنا فهو رد، أخذاً من قول النبي صلى الله عليه وسلم:(من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فهو عقد باطل، والباطل لا يترتب عليه آثاره.
قال الجمهور: الجهة منفكة، والنهي لا يعود على الذات ولا على وصف ملازم للذات، بل النهي يعود على أمر خارجي، فالله قال:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩]، والسعي إلى الجمعة ليس من أركان البيع، وليس شرطاً من شروط البيع، وركنا البيع متوافران، وهما: الإيجاب والقبول، والشروط متوافرة، فالبيع يصح، والسعي أمر خارج عن البيع، فتتم الصفقة فيملك هذا السلعة، ويملك الآخر الثمن؛ لكنهما آثمان لأنهما خالفا أمر الله الذي قال:{فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ}[الجمعة:٩]، لكن البيع والشراء صحيح.