قال الأحناف: نأخذ بهذا الوصف المطلق، فالذي يظاهر من زوجته يعتق رقبة كافرة أو رقبة مؤمنة، فكلاهما يصح.
والجمهور يقولون: لابد من تحرير رقبة موصوفة بالإيمان، قال الله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء:٩٢].
فالآيتان تتفقان في الحكم وإن كان السبب مختلفاً، فالأول الظهار والثاني القتل، فنحمل المطلق على المقيد، فالذي يظاهر من زوجته لا يجوز له أن يجامعها حتى يعتق رقبة مؤمنة، فإن أعتق رقبة كافرة فلا يجزئه؛ لأنه لابد من حمل المطلق على المقيد.
وهذا الخلاف بين الجمهور والأحناف أصله خلاف في مسألة حمل المطلق على المقيد.
وحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعضد قول الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاءه معاوية بن الحكم السلمي وقد صفع جارية له، فقال: أعتقها يا رسول الله! فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ائتني بها، فجاءت فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء.
فقال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعتقها فإنها مؤمنة) فهذا الحديث يعضد قول الجمهور.
ووجه الدلالة من هذا الحديث: أن القاعدة عند العلماء: ترك الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال، فيحتمل أن معاوية أعتقها من أجل الظهار، ويحتمل أنه أعتقها لخطأ وقع منه، ويحتمل أنه أعتقها لأنه جامعه في نهار رمضان، فلما لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم وربط العتق بالإيمان فيفهم من ذلك أن الإيمان شرط للعتق، وذلك بقوله:(أعتقها فإنها مؤمنة) يعني: أن مناط الحكم أن تكون مؤمنة، فتجزئك في عتقك، وإن كانت غير مؤمنة فلا تجزئك.