للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أهمية فهم النص الشرعي]

وأقول: كيف استنبط أبو ثور الحكم من هذا الدليل وهو أن عائشة كانت ترجل شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد يخرج رأسه وهي حائض؟ وما علاقته بامرأة حائض تغسل زوجها؟

و

الجواب

استنبطه بطريق قياس الأولى، فإذا كان الحي الذي يستطيع بنفسه أن يرجل شعره وأن يغسله قد جعل المرأة وهي حائض تباشر ذلك فالميت من باب أولى؛ لأنه لا يستطيع أن يفعل ذلك بنفسه فهو أحوج إلى ذلك.

وهذه فائدة الفقيه الذي يتعلم أصول الفقه.

وقد سئل الشيخ الإمام محمد بن صالح بن عثيمين وهو على فراش موته فقيل له: هل تستخلف أحداً نسأله بعدك؟ فقال: أما العلماء فكثر ثم لا تكاد تجد عالماً فقيهاً يدرك الحكم في المسألة، أو كيفية استنباط الحكم من الدليل وتنزيله على الواقع المعايش، وهذا فهم عزيز يؤتيه الله من يشاء.

ولذلك أنكر البعض على علي بن أبي طالب عظم بطنه، لأن علي بن أبي طالب كان من أفقه الصحابة إن لم يكن هو أفقههم، وهو أعلم الناس أيضاً بالتفسير، فلو خالف علي بن أبي طالب ابن عباس في تفسير آية قدم قول علي بلا جدال، فـ علي بن أبي طالب وتد في العلم والفقه، فقالوا له: مالك عظيم البطن؟ فقال: أعلاها علم وأسفلها طعام.

رضي الله عنه وأرضاه.

فنقول: إن العالم يعلم الكتاب والسنة، لكن الفقيه يدقق في الكتاب والسنة، ولذلك سئل علي بن أبي طالب: هل ترك لك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً خصك به من هذا العلم الذي ينهال عليك؟ فقال: لا والله ما خصنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشيء إلا فهماً يؤتيه الله للمرء في الكتاب أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم، أو كما قال رضي الله عنه وأرضاه، والأثر في الصحيحين.

وهذه كلها مدارها على الإخلاص، فقد كان يقول ابن عباس: يحفظ المرء على قدر نيته.

وهذا الذي فضل به الشافعي عن كثير من الفقهاء لفهمه وتأمله في الأدلة، والعالم الفقيه لا يصل إلى قوة العلم وإلى باطن العلم إلا بقواعد العلم والقاعدة العريضة بأصول العلم، وهذه الأصول هي أصول الفقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>